قالت لي طالبة عرفتها لوقت قليل في أولى سنواتي بالكلّية، أنّها تفكِّر فيَّ دومًا، وتريد أن نكون معًا، وكانت مكتئبة لأحداث مرّت معها في الطفولة، وقد حاولت الانتحار في السابق، لمَّحت إلى أنّها لو لم تحصل عليّ، قد تعيد الكرّة!

اعتذرتُ برسالة باردة، أخبرتها أنِّي لا أفكِّر بنفس الطريقة، وتمنّيتُ لها -بتقوى باردة- أن تتحسَّن حالتها. ثمَّ ابتعدتُ عنها للأبد، وجودي كان يؤزِّم الموقف.

في ذلك اليوم نمتُ مرعوبًا، لم ترد المخبولة على الرسالة، قلتُ طبقت وعدها! وبتُ قلقًا ليومين، حتّى عرفت أنّها غيّرت صورة بروفايلها، حسنًا، لم تنتحري بعد، أستطيع النوم الآن.

يتحدّث تيم فيريس المؤلّف المشهور عن قصص مشابهة في مقال له بعنوان: 11 سببًا لكي لا تكون مشهورًا، وفيه يستفيض عن آثار الشهرة الجانبية على حياته الخاصّة.

ماذا لو كنتَ مشهورًا، فأصبح يؤمُّك الناس للمساعدة، قد تستغرق وقتًا طويلًا في اجابة استفساراتهم، لكن نهاية تكتشف أنَّ هذا الحل غير عملي لمن يريد أن يتقدّم في حياته، الأمر مُرهق ويستهلك طاقاتنا.

عندما تترسَّخ شهرتك، تستطيع أن تتغاضى عن كثير من الرسائل، لا بأس، هذه حياتك وأنت حر. لكنّنا أحيانا نرى بعض الرسائل التي نشعر إذا تغاضينا عنها بمسؤولية أخلاقية، نشعر بالعار وتأنيب الضمير: هل نحن باردون لهذه الدرجة؟ أمن الصخر خُلقنا؟

تيم كان يشعر يتأنيب الضمير حين تصله رسائل من نوع:

أنا ميؤوس مني، وأنت خياري الأخير، اذا لم تساعدني مع كذا وكذا وكذا سأنتحر خلال يومين

تيم كان يعاني من هذه الرسائل، كانت ترهقه بالإجابة وتجعله مؤنّب الضمير، لا يستطيع أن ينام لليالٍ عدة بسببها.

لكنّه تعلّم أن يجهّز ردًا لمثل هذا النوع من الرسائل، أصبح يُحيلهم إلى ارقام طوارئ في مختلف البلدان تعالج محاولات الانتحار، ويرفق لهم مقالا عن أفكار عملية عن الرغبة في الانتحار، في محاولة لمساعدتهم وتغيير رأيهم، من دون أن ينغمس معهم بالكامل.

كيف ستتعامل مع رسائل مثل هذه؟ وهل سيرضى ضميرك أن تحيل الشخص على أرقام ومقالات؟