- "جميعنا مدمنون فلا ندعى الفضيلة "
لا شك أنه لا مشكلة في عملية تصفح الميديا ذاتها، لكن المشكلة أن تصبح مدمنا لها، وهل يصل الموضوع لحد الإدمان!؟, للأسف أغلبنا مدمنون دون أن نعلم، ندمن تلك العملية بطريقة غير محسوسة، تتسلل شتى المعلومات لعقولنا دون أن نعيها. أن تمتلك قطعة من المعدن لا تتجاوز مئات الجرامات لها القدرة على أن تقحمك بعوالم ليست بعالمك أو ليست كعالمك، وأن تعلم ما لا يتناسب لك ولعقلك، فهذا إختبار ليس بهين على شغفك وفضولك وطبيعتك، إن فشلت فيه فإنها تتسلل لعقلك، تضيع وقتك، بل تأسرك. ستصبح لا تقاوم قدرتك على التنقل بين العوالم , معرفة الأخبار, تتبع الماجريات, حتى تسلبك هذه العملية حقك بأن تكون صاحب حدث _ماجرى_ ولو واحد فقط بيومك، ولن تتركك الإدارة الرأسمالية للميديا تبحث عما تحب بل بمجرد أن تفتح هاتفك ستجد "ما تحب" يلاحقك، سيظل إبهامك يتحرك من أسفل الشاشة لأعلاها حتى تدمن تلك الحركة، ستظل تحرك إبهامك وكانك تفر به صفحات عمرك الفارغة،ستحركه تلقائيا وكأنك تدفع عقارب الزمن حتى ينقضى عمرك بيدك وأنت لا تحدث بهذا العالم سوى حركة أبهامك، ستصبح مسخا لأ رأى لك، لا فكر لك، لا تعلم شئ يفيدك. سيفقد عقلك الذي اعتاد الفيديوهات الشيقة والمعلومات التى تتسلل بسهولة دون جهد_أيا كانت ضارة أم نافعة_ الصبر على قراءة مقال ما وتفقده أو نقده، ستنشغل بالإنبهار بعالم _ليس أهلا لك ولا أنت أهل له_ عن سماع كلام أبيك الذي عاد من حقله ليحكى معك بشأن حياته البسيطة التى هى حياتك أيضا، وعن أمك التى تود أن تخبرك عما أنجزته أثناء يومها من تنظيف وتسوق وغيره من أجل رعايتك أنت، أو أخيك الصغير الذي أضاع ممتلكاته البسيطة، ستنعزل عنهم وتمل من نقاشهم، ستفقد القدرة على النقاش والحوار مع أصدقائك، ستقلد _دون أن تدرك_ ما يتنافي مع دينك وعرفك، لن تصبح حرا، قادرا، كل هذا لأنك أصبحت مدمنا. وإن كان إدمان المخدرات يخرب العقول والبيوت فإدمان الميديا أيضا يخربهم ولكن بطرق مختلفة، والادمان باختلاف أنماطه يفقد الإنسان آدميته. فالأسر لا يكون فقط بأغلال أو قيود أو بسجن بين جدران ، بل هناك أفعال تأسر صاحبها، وتسجنه. فلمجرد إدمانك إياها تصبح قيوداً خفية وأغلالا غير مرئية، وسجونا نفسية، فاحرص كل يوم أن تصبح حرا وهذا تحد ليس بهين 💔
التعليقات