يمكن القول أن الجرائم الصغيرة التي تحدث في المجتمع ما تلبث حتى يعتادها المجتمع وتصبح أخبار عادية، لا يُلقى لها بال، لكن الجرائم وحين تتكرر في سياقات معينة، تشير إلى مشاكل كامنة في المجتمع ويجب الوقوف عليها.

لماذا الجرائم ضد النساء ليست مجرد جرائم صغيرة، يفرزها أي مجتمع طبيعي ؟

يمكننا جميعًا أن نستذكر حادثة الرجل الأمريكي الأسود، جورج فلويد، والذي تم خنقه بوساطة عنصر من الشرطة المحلية، رغم استغاثته ونداءه، والسؤال وفي بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية حيث تسجل بعض الولايات نسب جرائم مرتفعة، لماذا انتشرت هذه الحادثة واعتبرت حادثة كبيرة؟

إنه السياق، لا يمكن اعتبار جريمة حدثت بدافع عنصري جريمة عادية، بل يتم إدراجها كجريمة تنم عن عقلية عنصرية، تتعمد ارتكاب الجرائم بحق فئة معينة بناء على الجنس أو اللون أو العرق أو القومية، فالجرائم التي تتم ضد السود ليست جرائم عادية، والجرائم التي تتم ضد المسلمين ليست جرائم عادية، وكذلك الجرائم التي تتم ضد النساء، فهي جرائم تتم بحق النساء لأنهن نساء بالدرجة الأولى، ثم قد يكون هناك دافع طبيعي للجريمة

- وهذا نادر- ولذا فهذه جرائم مبنية على النوع الاجتماعي، وتنم عن عقليات تحتاج إعادة تأهيل.

يقال: "مئة جريمة صغيرة أو حادث صغير لا تؤثر أبدًا على مخيلة الجماهير ولا تحركها، ولكن جريمة واحدة أو كارثة واحدة كبيرة تؤثران عليها بعمق" ولذا فحوادث النساء الكثيرة تمر مرور الكرام إذا تعاملنا معها كحوادث طبيعية، ولا تتمكن من النفاد لعقول الجماهير، ولكن عند تحويلها لقضايا كبرى، يمكنها التأثير بعمق وإحداث التغيير اللازم لمعاقبة الجناة، وتحقيق العدالة، وإصلاح المنظومة الفكرية التي تنتج مثل هذا النوع من الجرائم، رحم الله كل الضحايا من النساء اللواتي قتلن من أقرب الناس لهن.

ونحن هنا في مجتمع حسوب نتمتع بقدر من الثقافة والوعي، فهل تعتقدون أن التغيير يمكن أن يحدث بهذه الطريقة؟