تتبادر إلى أذهاننا أسئلة من قبيل كيف يصبح ما كنا نرفضه منذ زمن أمرًا مقبولاً على مستوى المجتمع ككل؟وكيف نصبح مقلدين لمجتمع آخر؟

يقول غوستاف لوبون:" إن الجماهير غير ميّالة كثيرًا للتأمل وغير مؤهلة للمحاكمة العقلية. ولكنها مؤهلة جدًا للانخراط في الممارسة والعمل" فالسلوكيات التي تمارسها جماعة لها سلطة أو علو ثقافي أو علمي أو سياسي أو عسكري، تؤثر على سلوك جماعات أخرى وتقوم بتغيير أفكارها، وهذا ما يعرف ب" العدوى المجتمعية"

إن "العدوى المجتمعية" هي مفهوم اجتماعي بسيط لا يختلف في معناه كثيرًا عن العدوى في الطب، فالشخص المصاب بداء معين يمكنه من خلال ممارسات محددة أن ينقل هذا المرض للأشخاص من حوله، عن قصد أو بدون.

والسلوكيات تساعد على ترابط المجتمع وتآلفه، فالوقوف والتسليم عند دخول المعلم للصف، يصبح واجبًا دون أن يأمر أحد بذلك، فقد يكون الطلاب فيما مضى قدتعلموه أو لاحظوه، وبدأ الجميع بممارسته.

وقد تنتشر الأفكار في إطار سلطوي من الحكومات القمعية أو الشعوب المستعمرة، فيتقلد الشعب الأضعف بما يملى عليه بقوة السلاح، حتى تترسخ الأفكار ويبدأ بالدفاع عنها في مرحلة متقدمة، والاستعمار الثقافي يتجلى بانتشار ثقافة المستعمر وهيمنتها على ثقافة الشعب المستعمَر طواعية، فالإشكال ليس في انتشار الأفكار فهذا جزء من التفاعل الإنساني، ولكن كل المشكلة تكمن حينما لا يأبه الناس بالسياقات التي أنتجت الأفكار ولا المراد منها ولا أثرها في المستقبل، والسؤال هنا هل يمكن لشعب معين أن يتغلب على هذه العدوى؟

يقول عالم الجغرافيا البريطاني السير (Dudley Stamp)‏ :"إن الغزوات الكثيرة التى مرت على مصر لم تكن إلا تغييراً فى الحُكَّام وليست تغييرًا فى طبيعة الشعب المصرى لأن بحر مصر الكبير من السكان كان يذيب الغزاة ويُمصِّرهم" ولذا فيمكن للشعب الواعي والكبير أن يعكس هذا التأثير للعدوى المجتمعية ولكن هذا أمر نادر.

برأيكم هل هناك طرق أخرى تنتشر من خلالها الأفكار في المجتمعات؟ ووما الفكرة التي خطرت ببالك أثناء القراءة والتي شعرتم بأنها انتشرت بسرعة في المجتمع وبات ممارسة مجتمعية؟