فيما يبدو أن صديقي بدأ ينتابه الندم في الآونة الأخيرة، ليس لأنه لم يحدثني منذ وقت طويل أو لأنه لم يقضي وقتًا ممتعًا مع عائلته. بل على قرار لم يتخذه منذ سنوات!

فقبل سنوات تقريبًا أي عندما تخرّج من جامعته. كانت أمامه فرصتين متساويتين. الأولى هو الحصول على منحة الماجستير في تخصصه من جامعة أمريكية على اثره اجتيازه امتحان التوفل وحصوله على نقاط مرتفعة ومن ثم تقديمه لمنحة أمريكية وقبوله بها. أما الفرصة الثانية، هي الوظيفة ليس في البلد الذي نعيش به إنما كانت في المملكة المتحدة بجانب خاله الذي دعاه للعمل إلى جانبه.

صديقي رأى الخيارين مناسبين تمامًا. ولكن ما القرار الذي سيختاره؟ أو بالأحرى ما القرار الذي سينفذه في البداية ويحققه؟ يبدو أنه دخل في دوامة من الحيرة والتردد، فهل سيذهب إلى إلى المملكة والمتحدة والعمل في وظيفة مرموقة بجانب قريبه وبالتالي سيهدر فرصة حصوله على الماجستير وربما مستقبلًا يحصل على منحة الدكتوراه بعد انهائه الماجستير ، أم أنه ينهي دراسته العليا ويتفوق بها ويطور من نفسه بدلًا من الاعتماد على خاله في الوظيفة. 

يبدو أن حرية الارادة غابت لديه، فالخياران شعر بأنهما مناسبان ومتساويان أمامه. بدأ لي أن فكرة الاغتراف من الفرصتين أمر يراوده. في النهاية و ما يدعو للحزن والأسف أنه لم يحصل لا على المنحة ولا على الوظيفة! كل هذا نتيجة تردده وقضاء وقت طويل من التفكير الذي جعله يخسر الفرصتين التي كانت أمامه!

هذا ما يذكرني بحمار بوريدان أو Buridan's ass وأحيانًا يقال" تفلسف الحمار فمات جوعًا" أوجد هذه المفارقة الفيلسوف جون بوريدان. حيث يتم افتراض موقف ما وهو أن يتم وضع حمار جائع وعطش في منتصف الطريق بين كومة من القش وسطل من الماء. فهنا ماذا سيفعل؟ يتردد لبعض الوقت بين الخيارين. فبالنطر إلى كلا الخيارين يجد على قد م المساواة وبحاجة هو إليهما حقًا. وفي النهاية سيموت الحمار كونه لا يمتلك القدرة على اتخاذ قرار عقلاني.

 بعيدًا عن ما حصل مع صديقي، هل وجدت أنفسكم أمام خيارين متساويين وشعرتهم بالحيرة والتردد في القدرة على اتخاذ القرار؟ كيف يمكننا أن نتفادى مصير حمار بوريدان؟.