من منّا لم يقرأ ألف ليلة وليلة؟، أو على الأقل من منّا لم يطّلع ولو على نزر قليل من تلك الحكايات الرائعة...

لا أنوي في هذه الكلمات التطرق إلى فحوى تلك القصص التي كانت ترويها شهرزاد، وإنما دفعتني الفكرة الأساسية التي انطلق منها هذا النص الذي بقي ولا يزال حيا في الذاكرة الأدبية والثقافية العربية والعالمية.

كان الحكي والسرد عند شهرزاد يساوي الحياة، فإذا انتهت قصصها انتهت حياتها، ونظرا لبراعتها في القص، دأبت على حكي القصص للملك شهريار كل ليلة، وفي نهاية الليلة كانت تؤجل نهاية القصة لليلة القادمة، حتى تترك الملك متشوقا لنهاية القصة فلا يقوم بقتلها.

هي فكرة فلسفية وجودية، إذ كانت شهرزاد محتمية بالقصص، قصصها كانت تعني وجودها.. في الأخير وبعد ألف ليلة وليلة قرر الملك الزواج من هذه الجارية، فتزوج بشهرزاد وأنجب منها أولادا، وبذلك لم تنقذ شهرزاد حياتها فقط وإنما استطاعت أن تبدأ حياة جديدة بفضل حكي القصص. 

اليوم نحن وبشكل من الأشكال نشبه شهرزاد، إذ كثيرا ما نضمر في تلك القصص التي نرويها أو نكتبها عن ذواتنا حياة نريدها ونرغبها أو نرغب عنها. 

لكل منا كفاءة معينة في الحكاية والرواية والكتابة، ويعلق كلا منا أملا في كفاءته وفي قدرته، من أجل الوصول إلى منتهاه الذي يصبو إليه..

استطاعت شهرزاد بفضل إبداعها في القصص الوصول إلى مرادها، بل وحققت أكثر مما كانت ترمي إليه، ماذا عنك أنت؟

ماذا عن ذلك الإبداع الذي تكتبه؟ هل حققت آمالك فيه؟ أم ما زلت تحاول؟