بشكل يومي، يمكن أن نمر بموقف نجد فيه أننا في مناظرة أمام شخص أو مجموعة من الأشخاص كونهم يتبنون أفكار ما، وأننا نتبنى أفكار مخالفة لهم، هناك مناظرات تقوم على تبادل الآراء بنزاهة واحترام، لكن معظم المناظرات تأتي مع استخدام الأطروحات المموهة والمغالطات المنطقية التي يهدف منها الأشخاص إلى الانتصار في المناظرة، لا لأن يصل لحقيقة معينة، كما أن الذي يملك فكرة ما حقيقية عليه أن يتعلم كيف يدافع عنها أمام الناس ضد من يمتلكون أفكار رجعية أو عادات خاطئة. 

فن أن تكون على صواب

إنه شوبنهاور مرةً أخرى، أعتقد أن معظمنا أو جميعنا سمع عن هذا الكتاب أو قرأه "فن أن تكون على صواب"، يقول شوبنهاور أن المناظرة ليس الهدف منها الوصول للحقيقة، ولكنها فن أن تكون على صواب، أي أن تنتصر في المعركة، فقد يستخدم خصمنا طرق مموهة أو مخادعة من أجل أن يقلب الدفة علينا، حيث يجعل الجمهور يضحك علينا، أو أن يصفق له ويتحمس لما يقوله – منخدعين في الواقع - ويجب في هذه الحالة إذا كنا نبحث عن الحقيقة أن نقول له أنه يغالط، وأن نكشف خدعته، لكن بعض أن ضحك الناس أو صفقوا، يصعب أن نشرح شيئا يطول شرحه، ويصبح ثقييلًا أن يُسمع، لذلك يقول شوبنهاور "الرد على حجة مموهة بحجة مموهة أخرى، من أجل أن تنتقم منه، ومن أجل أن تكون على صواب، فالحقيقة ليست مهمة!"، أي أنه حين يقول مغالطة فيضحك الجماهير، تقول أنت مغالطة أخرى لتجعلهم يضحكوا أكثر، فتكون قد قلبتها عليه. 

فما هو الهدف من المناظرة؟

إن المناظرة من المفترض أن تكون رحلة البحث عن الحقيقة في نقاش بناء، لكن حيث أن الإنسان يميل للدناءة أكثر من الإنصاف، ويحب أن ينصر نفسه حتى لو على حساب الحقيقة، تنحدر المناظرة من "فن البحث عن الحقيقة" وتدنو إلى حيث تكون "فن أن تكون على صواب"، فحتى لو كن نزيهًا وتبحث عن الحقيقة، لن يكون بوسعك أن تمررها للناس دون أن تنتصر وتكون على صواب في أعين الناس، إذًا فإن عليك أن تتعلم المغالطات المنطقية والحجج المموهة من أجل أن تصدها ومن أجل أن تستخدمها أيضًا. 

هل دخلت مناظرة من قبل؟ كيف ترى فن المناظرة؟ وهل هدفها حقًا هو أن نكون على صواب فقط؟