الموضوع من الآخر القوي يأكل الضعيف، هذا قانون الغابة والبشر أيضًا، ولو أن من يظلمون النساء وغير النساء يخافون من الله لما فعلوا أفعالهم، فالقصة يعني ليست أنها استقواء على النساء بوجه الخصوص، بل استقواء على الضعفاء عمومًا، إناثًا وذكورًا.
سأخبرك بقصتين إثبات لوجهة نظري:
الأولى: أخبرتني أمي عن خالتها، تقول كانت تريد عيش حياتها باستقلالية، لا تريد الزواج، وكانت قوية لا تخاف الرجال، ومع ذلك غصبوها على الزواج، ولأنها لن تضرب والدها فقد اختارت ضرب زوجها ليطلقها، وفعلت ذلك فعلًا من أول ليلة فما أصبح اليوم الثاني إلا وهي مطلقة كما رغبت.
عاشت بقيت حياتها رحمها الله بدون أن تتزوج -باستثناء المرة الأولى-، ولم يجبروها مجددًا، لأنها أوضحت لهم أنها ليست ضعيفة، وهي من سيتحكم بمصير حياتها، وليس من هو أقوى منها، هذا إن كان هناك أقوى منها في ذلك العصر :) تقول أمي كانت مثل الرجال، حتى أنها تزرع الأرض وتحرثها.
طيب يعني أنا أحثكم على العنف مثلًا، لا، ولكن لكل عصر أساليبه، في ذلك الزمان لا يوجد قانون، ولا محاكم ولا حتى أناس متعلمين، فإثبات القوة كان عبر طرق محددة، منها القوة البدنية، وفي عصرنا الحاضر هناك مليون طريقة لإثبات القوة أحدها سأذكره في القصة التالية.
الثانية: وهي عن امرأة أعرفها شخصيًا، في طفولتها اضطهدت بما لا يمكن للعقل تصوره، وحتى تهرب من ذلك الاضطهاد تزوجت ظنًا منها أن الزواج سينجيها، ولكنها وقعت أيضًا في زوج ظالم، لتتكرر الأمر مجددًا.
وبعد سنوات عديدة استوعبت أن عليها أن تكون قوية لتغير حالها، وليس تنتظر من الناس أن يتغيروا أو تستيقظ ضمائرهم فجأه، وذات يوم ضربها زوجها، فاتصلت مباشرة على الشرطة، ليأتوا يجروه إلى القسم، وبعد تعهدات ومواثيق ألا يعيد فعلته، تركته يعود إلى البيت.
ومن يومها إلى هذا اليوم وحياتها متغيره تمامًا، للأحسن طبعًا. الشاهد في القصة أنها عرفت كيف تثبت لزوجها أنها تعرف كيف تأخذ حقها، وإن لم يكن بيدها فبيد القانون.
الآن لو عدنا إلى القصتين السابقتين وتخيلنا المرأتين ضعيفتين كغالبية النساء، ستتكرر المعاناة كمليون قصة نعرفها، عن نساء يعشن حياة بائسة، تؤكل أموالهن، وتهضم حقوقهن.
أشباه الرجال ضعفاء والله، لكنهم يتظاهرون بالقوة ليتحكموا في غيرهم، وبمجرد أن يجدوا من تنطلي عليه حيلتهم يأكلونه حيًا، ولو أن المسكين أثبت لهم أنه ليس أضعف منهم، لعبدوه عبادة، كما يعبد كفار قريش الأوثان.
أكررها للمرة الثانية، في عصرنا الحالي مليون طريقة لتأخذ حقك، بالشرع وبالنظام وبالقانون، كفا بالمرء عيش حياة لا يشعر فيها بالحياة.
التعليقات