سبحان الذي زاد العزة نقطة فأصبحت غزة، تلازمت الكلمتان وتطابقت المعاني، فإذا ذُكرت غزة تلاحت في الأذهان العزة، فالعزة لرجالها وشبابها وشيوخها ونسائها وأطفالها والذل لكل من خانها وخذلها وتخلف عنها وساهم في زيادة آلامها وجراحها وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ما بال غزة وأهل غزة، ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وتبرأ الجميع منها، وأشاحوا ابصارهم بعيداً عنها، ولم يكتفوا بموقف الجماد الذي اعتدنا عليه منذ سنوات، بل هبطوا في قاع العار والخذلان إلى التعاون مع أعداء الله ورسوله، وتبادل النفع مع بني صهيون، أي عار هذا الذي نشهده وأي ذل هذا الذي نقع فيه، فأبشروا يا أهل غزة برضى ورضوان من الله عز وجل، وأبشروا يا أهل العار بالذل والخذلان، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
من ظن أن هناك نفع مع هذا الكيان فهو واهن، هم القوم الذي لا عهد لهم ولا أيمان، فكم من عهد نقضوه وكم من هدنة خروقها، لقد نبأنا الله من أخبارهم، فوالله إن كان اليوم نفعاً فغداً خراب ودمار وعار يلازمكم حتى قبوركم، وإن نجيتم بفعلتكم في الدنيا، فهناك حساب ينتظركم، وميزان يُنصب لكم، وصراط تمروا عليه، أتظنون أنكم ناجون من كل هذا؟ كلا ورب غزة إنه العدل الحق المنتقم الجبار الذي يمهل ولا يهمل وحسبنا الله ونعم الوكيل.
إن ما يحدث في غزة لا تضاهيه الكلمات، وكثيراً من الآلام لا تصادقها المعاني، ليس هناك سوى الدموع التي جفت بسبب الجفاف، وحتى الآهات لم تعد الحناجر قادرة عليها بسبب الجوع، فيديوهات ملأت العالم بأكمله، مشاهد فاقت حدود الرعب والخوف، أم تبكي على أولادها الذين ماتوا جوعى، وأب يحمل أكياس داخلها أشلاء أولاده، وآخر يبحث عن رأس ابنه ويخبرهم عن ملامحة الجميلة، وطفل مشى اكثر من عشرة كيلو مترات ليحصل على كيس من الدقيق، وأجبروه على تقبيل أياديهم النجسة وفي الأخير أطلقوا عليه الرصاص من الخلف، وطفلة ذهبت لتملأ جالون من المياه، فتحولت إلى رماد .. وغيرها الكثير من الفيديوهات والصور التي تجوب العالم كل ثانية، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
نحن الذين إذا أصاب البرد أحد أبنائنا لا نعرف للحياة راحة ولا للنوم شكلاً ولا طعماً، ويؤرقنا إذا اشتهوا طعاماً غير موجود، فما بال أهل غزة كيف يشعرون وكيف يحيون وكيف هم من الداخل، اللهم انزل عليهم رحماتك، وأرزقهم الطمأنينة والرضا والسكينة، وعوضهم يا رب كل الخير سبحانك انت رب المستضعفين وحسبنا الله ونعم الوكيل.
نسمع الكثير من الشعارات الكاذبة، وكلمات تُكتب في كل مكان، ونداءات تقرع طبول الآذان، وأصوات عالية فاقت نهيق الحمير، وكل هذا في عالم سيبراني لا يغني ولا يسمن من جوع فالأمر المؤكد أن لا أحد يهتم بأمر غزة، كل ذلك زيف وبهتان ونفاق، وبين خائن ومنتفع وجبان ضاعت الكرامة ودهست بالنعال وزهقت الأرواح وانتهكت الحرمات وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فأنا لا أبرئ نفسي من هذا الجبن فأنا أول الجبناء، أكتب كلماتي الرقيقة وأخاف أن تلقى صدى فيسمع بها ظالم متكبر فيطيح بي وبأهلي وحينها لا أدري ما سيكون حالي، هل سأكون رافع رأسي ثابتاً على رأيي، فاتحاً صدري متقبل اللعنات واللكمات والسباب، أم أنني سأركع باكياً وأقبل الأقدام، بادياً ندمي على كلماتي وأتبرأ من كل شعاراتي، فاللهم اني اسألك الثبات على الحق وأن تحفظني من الظالمين وأهلهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
سأخبرك بما أخفيه في صدري، أتظن أن كلماتي قد تجلب نفعاً أو تطرد شراً!! لو كان الأمر هكذا لازالت كثيراً من الأمم، وتبدلت الأحوال وتغيرت الكثير من النفوس الضالة، بالرغم من ضعف كلماتي فذلك لا يعيبها، فالعيب في تلك النفوس التي تتلاقها، العيب في هذه الأمة التي صادفت حظي التعيس بين آلاف السنين أن أكون في هذا الوقت من الزمان وأصبح ضمن هذا الغثاء، فما كلماتي إلا كمتنفس، كالذي أطبقت عليه السماء والأرض فما له إلا ثقب إبره يسحب منه الهواء لتصارع رئتاه القليل من الهواء، ومثل هذا لن تتحمل رئتاه الكثير ستنفجر عاجلاً إلا أن يتغمده الله برحمته وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فوالله إن كفار قريش لديهم من النخوة مالا يعرفه الكثير من المسلمون المعاصرون عنها شيء، فيا أمة الأسلام أناكل الطعام ونلبس الثياب وأهل غزة جوعى محاصرون!! وصدق الله العظيم حين قال وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم، لقد أنطق الله أهل الكفر من المشاهير ليناصروا أهل غزة، وهناك حراك في بلاد الكفر والشرك يتضامنون مع أهل غزة ويفعلون ما لم يفعله أهل بلاد الإسلام، فعندنا جميع طبقات المجتمع مشغولة، أدناها طبقة منهكة تدور في حلقة مغلقة لا نهاية لها لتوفير الطعام لأولادها، وطبقة متوسطة اختفت!! جميعهم سقط في التي أسفلها، أما الطبقة العليا لديها من الحفلات والرحلات والأعمال ما يغنيها عن معرفة أحوال غيرهم وترقى بنفسها فهم السادة وما دونهم العبيد، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
اللهم إن العالم انقسموا عليهم بين متآمر ومتخاذل فيا رب بلطفك كن معهم، وأدعوك يا الله وكلي رجاء، فمن لي سواك أطلب منه، ومن غيرك يرفع الضر، ومن للضعفاء ينصرهم إلا أنت، ومن للظالمين يردهم إلا أنت، اللهم ارفع البلاء عن أهل غزة وانصرهم، اللهم أنزل عليهم رحماتك، اللهم أطعمهم وأسقهم، سبحانك لا يصعب عليك شيء، تقول للشيء كن فيكون، فيا رب هم من أشيائك، لا إله انت سبحانك وحسبنا الله ونعم الوكيل.
التعليقات