لطالما كنت قارئة نهمة. بين صفحات الكتب، تعلمت أن أميز بسرعة النص الجيد. أعرف القواعد، وأستطيع أن أضع لك خطة متقنة لكتابة مقالة ممتازة. لكن، حين أفتح صفحة فارغة لأكتب، شيءٌ ما يتعطّل. كأن المعرفة وحدها لا تكفي.

كنت أظن أنني وحدي في هذا الصراع، حتى قرأت دراسة نشرتها نيويورك تايمز بعنوان: This is Your Brain on Writing.

تعتمد الدراسة على تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) أثناء لحظات الكتابة الإبداعية، لتتبع المناطق النشطة في أدمغة الكُتّاب. حيث وجد الباحثون أنه في مرحلة العصف الذهني، تنشط لدى الكُتّاب المبتدئين مناطق مرتبطة بالرؤية، كأنهم يرون ما يكتبون. أما المتمرسون، فتنشط في أدمغتهم مناطق مرتبطة بالكلام، كأنهم يروون القصة شفهيًا في عقولهم قبل أن يكتبوها.

عند الكتابة الإبداعية، ينشط لدى الكُتّاب المحترفين جزء من الدماغ يُدعى "النواة الذنبية" (Caudate nucleus)، وهو المسؤول عن تحويل المهارات من جهد واعٍ إلى فعل تلقائي، تمامًا كما يفعل الدماغ حين يعزف موسيقي أو يؤدي لاعب كرة محترف حركةً مدروسة.

الكتابة، إذًا، ليست مجرد فعل فكري، بل مهارة عضلية عقلية تتطور مع التكرار والممارسة.

وهنا يقول الباحث كارل زيمر:

إنك إن نظرت إلى كاتب يجلس ليعبِّر عن أفكاره على الورق، وإلى لاعب كرة سلة يؤدي رميةً خلال مباراة، فلن ترى أي وجه شبه بينهما، غير أنَّ النظر إلى نشاط كلا الدماغين يكشف عن تشابه بينهما في التفاعلات.

الكتابة صعبة فعلًا، إنها رياضة من نوع آخر. ومثل أي مهارة أخرى، ستصبح أسهل، إذا واصلت المحاولة.

كيف درّبتُم أنفسكم على الانتقال من التفكير في النص إلى إنتاجه بسلاسة؟ هل اعتمدتم على طقوس معينة أو تمارين كتابية محددة؟