إن الموقف العربي والإسلامي يثير العجب في النفوس بشأن ما يحدث في غزة ، وما يصاحبه كان أعظم، حيث يلازمه الكثير من الإنكسار والإحساس بالعجز وقلة الحيلة.
قد تكون أغلب الشعوب الإسلامية ناكرة لما يحدث في غزة، وتتمنى لو كان الأمر بيدها لفعلت الكثير حتى تدفع هذا العدوان الفاجر، لكن النية في هذا الأمر ليس لها محل من الفعل، إنها أماني تأتي في سحب من الخيال وتختفي دون أن تمطر.
لا يقع الفعل إلا بالإرادة، وعندما تغيب الإرادة يتساوى الإنسان مع الأنعام، تُساق حيث أراد صاحبها، يطعمها ويسقيها ويسكنها حيث شاء، ليس ليها حرية الاختيار ولا تملك من أمرها شيء.
قديماً كانت هناك وقفات سجلها التاريخ، كانت الشعوب تعبر عن رأيها بكل قوة، كان الرأي العام هو الأقوى والقادر على تغيير المسار متى أراد، كان له حضور واضح، وكانت تخشاه الحكومات، وتضعه في الحسبان من كل حركاتها، لكن اليوم لا حس ولا خبر.
وبكل أسف لم تقوى أي دولة مسلمة في أخذ خطوات جدية لوقف هذا العدوان، في النهار الجميع يُنكر ويشجب وأحياناً يندد وفي الليل ينام الجميع في أحضان حفدة الخنازير، وتحت غطاء الدبلوماسية وغطاء المصالح ضاعت الحقوق وزهقت الأرواح وانتهكت الحرمات والأعراض.
أصبحنا نتحسس من يقول كلمة حق، وأصبحت كلمات الحق غريبة على الآذان حتى أن القلوب لم تعد تشعر بها، ننتظر موقف من مشهور أن يبدي تضامنه مع أهلنا وينكر ما يحدث، مجرد كلام فقط ننتظره حتى لو كانت راقصة وقالت كلمة حق، حينها سيحملها الجميع فوق الأعناق ويلبسونها رداء الشرف والكرامة.
لقد أنهكت الحكومات الشعوب، وأشغلتهم في دائرة العيش، أصابتهم بالضيق سواء كان عن قصد أم جهل في الأخير النتيجة واحدة، ذلك عن الطبقة العريضة التي تغفل عن قوتها، بينما الطبقة المقربة لا يشغلها ما يحدث، فهي ترى في سادتهم الحكمة وصواب القرار، وموقف الحكومات هو موقف الخائن بينما موقف الشعوب هو موقف العاجز، وبين الخائن والعاجز النتيجة واحدة.
وعندما تخاذل الجميع وتنصلوا من واجبهم، تقلدت الدور دولة غير عربية بل وغير مسلمة، كما أن نسبة المسلمين فيها لم تتجاوز 2% تحدثت نيابة عن 56 دولة وسلكت مسلك لم تستطع سواها على فعل ذلك، وقالت إن ما يحدث هو ظلم لا تقبله الإنسانية وطالبت بمحاكمة الخنازير، بغض النظر عن جهة القضاء وما آلت إليه القضية فذلك ليس بالغريب عن هذه الجهة، في الأخير هو موقف مشرف في وقت ضاع فيه الشرف.
إن العالم الغير إسلامي يستنكر لما يحدث ويعبر عن رأيه وشاهدنا الكثير من المظاهرات والوقفات في جميع أنحاء العالم عدا الدول الإسلامية التي هي أولى بأن تدافع عن عرضها وكرامتها، وهذا ضمن تعجبي الذي كان في صدر المقال حتى سمعت قول الله تعالى وإن تتولى يستبدل قوماً غيركم.
ولا أبرئ نفسي من هذا فكلنا مسؤولون عما يحدث، وكلنا محاسبون أمام الله عن كل هذا، فالمسلم أخو المسلم، والمؤمنون كأسنان المشط، ولكننا تولينا بأهوائنا وانشغلنا بدنيانا عن آخرتنا وكانت النتيجة أن الله استبدلنا بقوم آخرين يدافعون عن كرامتنا التي ضاعت وشرفنا الذي انتهك ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
التعليقات