الأدب الذكي: ما رأيكم في امكانية الذكاء الاصطناعي كتابة روايات وقصص أدبية تتفوق على كتابات البشر؟

أعتقد أن هذه الوسائل قد تكون وسائل مساعدة بالطبع للكتاب وقد يستعين بها الكثير منهم في المستقبل لكن أن يكتب الذكاء الاصطناعي رواية أدبية كاملة مثلًا فلا أعتقد أن هذا ممكن حتى الآن ولا أعتقد أنه سيكون مشكلة كبيرة في أي وقت قريب وأن حتى الأعمال التي قد تكتب بالكامل من قبل هذه الوسائل ستكتشف أو لن تقدر كثيرًا نتيجة كونها ستفتقد للعمق واللمسة الإنسانية.

يعتمد تفوق الأدب الذكي على ما يمكن تحقيقه من تحليل لبيانات ضخمة وتوليد نصوص بشكل أوتوماتيكي

لا يكون اعتبار العمل الأدبي الذي تنتجه ادوات الذكاء الاصناعي أدبًا ذكيًا، فبدون اللمسة الابداعية والفنية للكاتب البشري لا أظن أن العمل قد يكون ذكيًا، ويمكن إيجاد الكثير من أوجه الخلل به.

تعد أدوات الذكاء الاصطناعي بلا شك إضافة مميزة لمجال الكتابة لكنها أدوات غير قائمة بذاتها، فلا أراها تتفنن في اختيار التشبيهات والكنايات والمفردات الغنية للغتنا العربية.

أظن أنها مرحلة لا بد سنمر بها، أبينا أو منعنا، لكن المشكلة التي سيكون على الذكاء الاصطناعي مواجهتها هي الإبداع، التفكير خارج الصندوق، الصندوق الذي حرفيًا يعيش فيه الذكاء الاصطناعي ويستقي منه كل معلوماته وخبراته. فمهمة الكتابة ليست كلعبة الشطرنج، قواعد واحتمالات يستغل فيها الكمبيوتر الخطأ البشري، بل على العكس، فالأخطاء البشرية في المجالات الإبداعية، كالتأليف والرسم والموسيقى؛ في أحيان كثيرة تكون هي مصدر قوة العمل، ومنبع إلهام للكثيرين لإتباع نهج جديد، أو ابتكار طرق وأساليب جديدة.

لكنه يفتقر أيضا إلى القدرة على التعبير عن المشاعر الإنسانية

هذا هو الفيصل فربما من الممكن في بعض الدراسات الأدبية قد نرى منافسة الذكاء الصناعي للعمل اإنساني أما في العمل الإبداعي الأمر مختلف تماماً فانفعال الكاتب وتعبيره عما بداخله هو الذي ينشأ علاقة بينه وبين القارئ وهذا نراه كأكبر مثال في مشاركة تدوينات الغير فقد يعبر أحدهم في وقات ما عن ماتمر به في هذه اللحظة فعلا ولاتستطيع النطق به

أرى أنها فكرة سطحية جدا، لأن ذلك، واحد من أكثر السمات التي تميز البشر، مسألة تناول أفكار من قبيل ذلك، هي من قبيل محاولة التأكيد على وصول الآلة، لمرحلة قادرة فيها على التفكير، بل والشعور، تماما مثل البشر.

أولاً، يعتمد تقدير جودة النصوص الأدبية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي على مقاييس معينة يتم وضعها لهذا الغرض، مثل اتباع القواعد النحوية والتركيبية واستخدام المصطلحات اللغوية بشكل صحيح، لكنه يفتقر للجانب الإبداعي والروحاني للأدب، واللذان يميزان أعمال الأدب الإنساني.

ثانياً، يعتمد تفوق الأدب الذكي على ما يمكن تحقيقه من تحليل لبيانات ضخمة وتوليد نصوص بشكل أوتوماتيكي، وهو أمر قد يجعله أفضل في بعض الجوانب الفنية مثل اكتشاف الأنماط والاتجاهات في الكتابة، لكنه يفتقر أيضا إلى القدرة على التعبير عن المشاعر الإنسانية بنفس العمق والفهم الذي يمكن للكتاب الإنسان تحقيقه.

أنت بالفعل أجبتي وأوفيت، ولكن أزيدك من الشعر بيت، فأقول أن الذكاء الاصطناعي، ربما قادر على إنتاج نصوص جيدة، بالنظر والمقارنة مع نصوص أخرى قد يتم تصديرها على أنها منجز فني أو أدبي فريد من نوعه، في الواقع، هنا، يمكن استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي، في إظهار من الجيد ومن الردئ، وعلى نحو مدهش.

هناك معايير صارمة، أعرفها من خبرتي الطويلة في النقد الأدبي، نحن نقدر عملا (من الناحية الفنية وليس التقنية)، لأحد الأسباب التالية

-تجربة شعورية أو ذهنية (فردية أو غير فردية) وشبه إجماع عند شريحة كبيرة من الناس (قراء أو نقاد) بأن هذا العمل جيد، ولكن هنا، للأسف قد يتلاعب الإعلام بنا، ويحاول أن يشعرك بأن نص ما جيد، ولكن إما المشكلة فيك أنت، أو ربما فقط لا يناسبك ببساطة، لكن لا تقول عليه أنه نص غير جيد (إياك وأن تجرؤ!).

-صامد مع الزمن، لن أقول عام، لأن الأعلى مبيعا موجود كل عام، ولن أقول عشرة أعوام (لأنها العمر الافتراضي لأي عمل أدبي إن كنت لا تعلم)، ولكن ربع قرن، نصف قرن، قرن، أو أكثر، بعض الأعمال خالدة لأنها بالفعل صمدت آلاف السنين، ولكن يعيب هذا المعيار، أنه يجعلنا شبه عاجزين عن تقييم عمل ما، لأنه ببساطة، ربما لن نكون موجودين عندما نكتشف قيمته الحقيقية، لاحظ أن العديد من الأدباء الكبار تم إكتشاف أعمالهم بعد فترة من موتهم.

-الأثر، وحتى هذا المعيار، للأسف يمكن التلاعب به، لأن البعض قد يظهر تأثره (إعلاميا) بعمل لم يؤثر فيه على الإطلاق، ربما لم يقرؤه، وهذا ظاهر في عصرنا الشبكي اللعين، وحتى تلك المعالجات المسرحية، السينمائية، فنية، أو أدبية، أو خلافه، يمكن التحكم بها بشكل أو بآخر. انظر إلى عالم مارفل السينمائي، ومن قبله الكوميكس، نتاج تراكمي لمجوعة من الجهود المدعومة بذراع اقتصادي قوي، وذراع إعلامي قوي. ما قد يفقد التجربة برمتها أصالتها أو اتصالها بالتجربة البشرية، على حد ما افترضه المخرج الشهير مارتن سكورسيزي، تلميحا أو تصريحا، بأن أفلام مارفل ملاهي كبيرة. وهو ما يتوافق مع قول أرسطو قديما، بأن الأدب حين يكون متعة فقط، هو مجرد ملاهي أو تسالي (مع إني أدعم فكرة الأدب للمتعة).

-الاختلاف، بالفعل هذا معيار قوي جدا، أراه دائما الأقوى، خاصة عند مقارنة الأفكار ببعضها، وإظهار الاقتباسات، بعض الأدباء والناشرين، يدافعون بحجة توارد الأفكار، التي أرى أنها صارت بالية جدا، وتخدم مصالح شخصية فقط (من الصعب جدا، أن نتمسك بحجة واحدة جاهزة عند وجود أي شبه بين عمل وآخر!). وعند تركيب النص بعضه على بعض، حينها سوف ينفضح الكاتب الفاشل بالنظر المبدع الحقيقي. لهذا أدعم بقوة -رغم إني كنت متخوف في البداية- هذا التوجه في استعمال الذكاء الاصطناعي، لأنه ببساطة، ما يمكن لآلة إنتاجه، يفقد قيمته المعنوية، هذا صار ثابت معلوم أقرب إلى ثوابت الرياضيات والفيزياء.