اليأس هو العدو الخفي للإرادة لأنه يجلب الكسل ، فالكسل يمكنه تدمير نفسك وجسدك ، بل وباستطاعته أن يهلك جسدك ويخرب أفكارك .

إياك أن تستهين باليأس الجالب للكسل والخنوع أو تعتقد أنه خصم سهل فهو يستقطبك ليكسر إرادتك حيث يوسوس لك كالشيطان الذي يغريك بزينات الحياة ليلهيك عن ذكر الله وفعل الخيرات.

الكسل صديقا لليأس ، حيث يغويك بالراحة ولذة النوم ليتسلط على شعورك ويتحكم في مزاجك وقدراتك فيأخذك في ثبات عميق ويدخلك إلى عالم الوهم الذي ينحدر بك إلى الفشل .

كم من مرة تحاول أن تكتب فكرة فلا تستطيع أن تصيغها للقراء فتشعر بالاحباط ثم تتراجع عن تلك الفكرة وتخلد الى النوم لأن ذلك لن يجهدك ولن يأخذ وقتك ، وكم من المرات حاولت أن تحفظ القرآن لأن القرآن ليس فقط دستور للحياة ومنهج للأنام ولكنه علاجا لليأس ، القرآن دواء للنفس وشفاء للأرواح .

بعض كتاب المقالات والمدونين يأتي عليهم أوقات يشعرون بالانعدام وذلك نتيجة للتطور التكنولوجي السريع وكثرة الأخبار وازدحام الأفكار التافهة مما يطغى معه على الموضوعات الهادفة والتحقيقات المثمرة مما يستتبع بالضرورة الاضطراب و العزوف عن الكتابة لدى الصحفي الكلاسيكي ، ربما يعود ذلك الى اعتياد الكاتب في الجرائد والمجلات الورقية على التركيز في نقاط محددة بشكل منظم ، وبدحول الانترنت والانفتاح الشديد على العالم الخارجي استجدت أفكار جديدة وظهرت قضايا معقدة تحتاج إلى حضور ذهني عالي ومداومة على الكتابة السريعة لأن الاخبار والمعلومات لا تنتظر والقصص الجديدة تصبح قديمة خلال ساعات وليس أيام ، والفكرة المستجدة تتحول إلى فكرة مستهلكة في غضون ساعة واحدة ، المسألة أصبحت شديدة الصعوبة وتحتاج إلى صبر وإرادة ، فلا مكان لليأس والتراخي ولا وقت للتباكي على الأطلال ، وليس مسموح لمن يرى نفسه كاتب أن يبطيء في صياغة المحتوى لأن التأخير سيكون وبالاً كبيرا عليه لأن تقاريره ستصبح ماضي وخواطره ستصير بلا فائدة .

لا تتردد فيما تكتب متحججا بأنه يجب عليك أن تقرأ كثيرا قبل أن تسطر مقالا مما يجعلك تؤجل خططك ومشروعاتك ، ثم ما تلبث أن تشعر بالملل وتعود لتذكر نفسك بأنه كان يجب عليك أن تكتب ولكنك تنتظر أن تفرغ من قراءة كتاب هام أو إنك لم تنتهي بعد من قراءة كل المدونات التي تساهم في زيادة معلوماتك وغزارة أفكارك ، حيث ينتهي بك الأمر الى العدم بأنك لم تستطع الكتابة .

أحداث غزة الحالية وما تشهده فلسطين من خطب تجعل جميع الصحفيين والكتاب والمدونين في صراع مستمر ، وما تشهده الشام ( فلسطين . سوريا . لبنان . الاردن ) من معارك يفوق الخيال ولم يدر في مخيلة أحد أن يستيقظ أهل الشام يوما ليجدوا العالم كله وكأنه مترصدا لهم .

اكتشف كثير من المدونين على مستوى العالم أن خواطرهم لم تعد رديئة وأن قصصهم ليست هباء ، فالعالم ينتظر الآن كل خبر ويبحث عن الصور والفيديوهات في كل القنوات الفضائية وعلى شتى المنصات الالكترونية لأن العدو الصهيوني يستهدف الكتاب والمصورين والمراسلين ، فالعمليات الحربية لم تعد فقط بين طرفين بل تطورت إلى عدة أطراف ، فالمدون الصغير يمكنه أن يجاهد في ساحة المعركة لأن الشام تحتاج إلى ناقلي الأخبار والصور ، فكم من المصورين والمراسلين الذين قدموا أرواحهم فداءا لغزة وما كان صحفيي الجيرة عنا ببعيد .

لقد أصبح الإعلام أداة حاسمة في الحروب والمعارك العسكرية ، والكيان الصهيوني الذي كان يفخر بانتصاراته الاعلامية سقط مغشيا عليه أمام إعلام المقاومة الإسلامية ، فالشام الآن في حاجة ماسة إلى شباب المدونين والمراسلين .

لقد شعر كثير من الشباب بالمسئولية ولكنهم كشفوا مدى التقصير والخنوع عندما شاهدوا جسارة وعزيمة وائل الدحدوح المراسل الصحفي بقناة الجزيرة ومدير مكتب الجزيرة بغزة ، فرغم أن الشباب يمتلكون إحساس بالمسئولية ولكن المرارة والحسرة تعتصر القلوب لأنهم كشفوا كم الوقت الذي ضاع منهم دون تدريب ودون جهاد ، فهم لا يعرفون ماذا يفعلون وكيف يمكن ان يسخروا طاقاتهم لأجل غزة ، لقد وقع الكثيرين في حيرة من الأمر ، ورغم كل ما يحدث من خطب ومآسي في دولنا العربية إلا أننا أمام جيل جديد من الشباب المتعطش للجهاد .