أحيانا شغف الكاتب بالكتابة وهوسه بها قد يقوده لحد التكبر والغرور، حتى يجعل من نفسه شخصا لا يمكن أن يخطئ بحكم خبرته الطويلة فيها.

وهذا الاعتقاد الخاطئ لا يتحمل عواقبه وحده، فحتى مسؤولي مواقع التدوين يدرجون أولوية التوظيف للكاتب الذي له باع طويل في مجال الكتابة، ويغفلون عن الاستفسار عن طبيعة هذا المحتوى وشخصية كاتبه والبحث عن دقة معلوماته وأفكاره، وأرى بأنه لا جدوى من الأسلوب إن كان المحتوى فارغا من القيمة.

و أحيانا أخرى ، انخداعه بشهرته في الساحة الأدبية يحيله الى نشر عداوات وخصوماته مع كُتاب أخرين. لذلك على الكاتب ألا يظلم أو يتنمر على أحدا مهما كان هناك طبيعة الخصام القائم بينهما.

لكن بدأت أتساءل، هل شهرة الكاتب تُقاس بعدد أعدائه؟ أحيانا قد نجد كُتابا سواء من البيئة العربية أو حتى الغربية يعلنون عداوته وخصوماته مع كتاب أخرين علنا أمام القراء، وهذه الظاهرة في الحقيقة ليس لها علاقة بهذا عصر ما بعد الحداثة فقط، فحتى في العصور الماضية قد شاع صيتها، فقد كان ليون بْلوي يصف إميل زولا بالخنزير، أما الشاعر الفرنسي بودلير كان يصف الروائية جورج ساند امرأة غبية وثرثارة ومسحورة.

وليس هذا فقط ما فاجئني حقا، عندما وجدت كتابا باسم “تاريخ أحقاد الأدباء” للكاتبان الفرنسيان آن بوكيل وإِتيين كِيرن قاموا من خلاله بسرد علاقات الكراهية والعداوة التي جمعت بين عدد كبير من أدباء فرنسا.

وأيضا، لابد على الكاتب ألا يتأثر بالمحيط الذي يضغط عليه، على أساس أنه لابد أن يرد على جميع الاتهامات الموجه إليه، فأحيانا حتى الصمت يمثل جوابا وافيا وكافيا، نفهم عبره أن هذا الكاتب واعي ولا ينشغل بالتفاهات من أجل أن يكسب شريحة جديدة في الساحة الأدبية.

وجدت موقع هافينغتون بوست قد نشر شجرة الأدباء الإنكلوساكسونيين الذين كانت تربطهم عداوات خلال القرنين السابقين، لو قمنا بنفس التجربة ونشرنا قائمة العداوات التي تجمع الكتاب في البيئة العربية، كم ستكفي من شجرة لتغطي جميع العداوات، وبرأيكم كيف للكاتب ألا يتأثر بعدوى الأحقاد والخصامات؟