قد يبدو عنوان المساهمة مثيرا للجدل، وقد يتبادر إلى ذهنك سؤال واحد؟ كيف يمكن أن يتسبب الأدب في إفقاد عقل قارئه وبوجه الخصوص كاتبه؟ هل يوجد هنا من يشعر بين الحين والآخر أنه فقد توازنه بسبب الإنغماس الرهيب بين أطنان كبيرة من الكتب؟

قبل البدء في الموضوع، دعنا نتوقف لوهلة فقط ذكر الأثر الإيجابي الممكن أن تعكسه القراءة على صاحبها وخاصة الأدب، وأجب بصراحة، كمْ من مرة شعرت بأن ما أنت بصدد قراءته لا يزيد من ثقافتك شيء؟ بل الأبعد من هذا يجعلك تراجع نفسك لسبب قراءتك لهذا الكاتب؟

يشرح لنا الكاتب الأمريكي مارك توين مفاد ما أدرجته في عنوان المساهمة، بقوله: حين يتعلق الأمر بالأدب يفقد المرء عقله فجأة، ويعتقد أنه أمام مهنة لا تحتاج منه أي استعداد أو خبرة أو تدريب، وأنها لا تتطلب سوى إحساس بالموهبة وشجاعة فائقة "فما المغزى من كلام مارك توين برأيكم؟

يخاطب مارك بوجه الخصوص فئة من الكُتاب الذي يعتقدون بأن الأدب لا يحتاج منهم سوى التدريب والممارسة كأنها مهنة روتينية بدون إعمال للعقل أو التفكير في محاولة إيجاد حلول أو تفسيرات منطقية، ومع مرور الوقت عندما يتعلق الكاتب بالأدب يشعر بأنه عقله في سُبات لدرجة أن يفقد وظائفه للعمل.

قد لا نختلف بأن التعلق بأي شيء سواء ماديا أو معنويا سوف يعود بالسلب على صاحبه، وكلما زاد الشيء ينقلب لضده لا محالة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالأدب لا يمكن الجزم بالنتائج الوخيمة التي قد تسبب لصاحبها، ولا يمكن أن تحث القارئ على القراءة ولكن شرطا أن يؤخذ جرعات معينة يوميا وإلا سيختل توازنه.

ولو ننظر للأمر من طرف القارئ أيضا، لماذا لم يفقد كبار المشاهير عقولهم في مطالعة الكتب، بل قد لا نجد مخترعا أو باحثا أضاف شيء لهذا العالم إلا ويملك عادة المطالعة اليومية ويلتهم الكتب بأنواعها، لماذا مدير" مايكروسوفت " بيل غيتس عندما يقرأ 50 كتاباً سنوياً، أي ما يعادل كتاباً أسبوعياً تقريباً لم نسمع بأنه فقد عقله؟ وقد نجد الملياردير الأميركي، مارك كوبان يخصص3 ساعات يومياً للقراءة؟ أين الخلل إذن؟

برأي أن الخلل يصيب القارئ عندما يكون اختيار الكتب الأدبية غير هادفة، يقرأ لملء الفراغ وفقط، ينغمس في قراءات الروايات الخيالية التي لا تمس صلة بواقعه ومع مرور الوقت يندمج في عالمه الرمزي الخالي من التفكير والإبداع، وقد لا أذهب بشكل كلي فيما قاله توم كورلي إلا أنها تعكس واقع ما يجري يقول: إن الشخصيات الناجحة عادة ما تفضل قراءة الكتب التي تقدم الفكرة والمعرفة، في ما يفضل الفاشلون الروايات والصحف الشعبية والمجلات.

وأنت، ما رأيك، هل تتفق مع الكاتب مارك توين؟ ولماذا؟