يسهل على الكاتب المبتدئ تصديق بعض الأقاويل والخرافات حول الكتابة، ليس لجهله أو لقلة انتباهه وإنما لأنه وبحسن نية يطلب الأفضل لنفسه ويسعى للوصول بشكلٍ أسرع.

قبل سنوات طويلة قرأتُ اقتباسًا لتشارلز بوكوفسكي ذلك الكاتب والروائي الألماني وهذا جزء منه، يقول فيه:

إذا لم تخرج منفجرةً منك،
برغم كل شيء
فلا تفعلها.
إذا لم تخرج منك دون سؤال،
من قلبك ومن عقلك ومن فمك ومن أحشائك
فلا تفعلها.
إذا كان عليك أن تجلس لساعات
محدقاً في شاشة الكمبيوتر
أو منحنياً فوق الآلة الكاتبة
باحثاً عن الكلمات،
فلا تفعلها.
إذا كنت تفعلها للمال
أو الشهرة،
فلا تفعلها.
إذا كنت تفعلها
لأنك تريد نساءً …. ….
فلا.. تفعلها.
إذا كان عليك الجلوس هناك
وإعادة كتابتها مرة بعد أخرى،
فلا تفعلها.

كانت هذه القصيدة مخيفة لي، ولا أدري كيف اقتنعت بذلك ووقعت في وادي الخوف من التعديل والتحرير وأنّه عليّ أن أكتب نصوصًا في غاية الإتقان والتناسق من أول جرّة قلم، وإلا فلستُ كاتبة جيدة.

ما رأيكم فيما يقول وهل توافقونه في ذلك؟

هذه كانت أول كذبة آمنت بها وكنت ضحيتها، قد يكون للكاتب مقصدٌ آخر لكن أنا فهمت ذلك منه.

وهناك خرافات أخرى تلاحق الكاتب الهاوي وتجذبه من ياقة قميصه ليؤمن بها، دعها تحاول ولا تؤمن بها ها قد حذّرتك!

والآن دعنا نعدد بعضًا من تلك الخرافات ونتعرّف عليها، ليس لنؤمن بها بل حتى نرميها في كيس القمامة بلا رجعة.

ينصح الكثير من الكُتاب بالكتابة اليومية، ومع أنني أؤمن بأهمية ذلك وفوائده على مهارة الكاتب لكن أن يجبر نفسه يوميًا على الكتابة فإن نهايته قد تكون أي شيء عدا كاتب، وقد تكون أيضًا وصفة للاحتراق الوظيفي.

ويخوّف الآخرون المبتدئ من شبح قفلة الكاتب، حتى أنه يكتب ويلتفت يمنةً ويسرة خوفًا من أن يفترسه.

ومن أكثر الخرافات المستفزة بالنسبة لي هي تلك التي تقول أنه على الكاتب أن ينال الدراسات العليا حتى يصبح كاتبًا، الكتابة مهارة يمكن تنميتها وصقلها وليست موهبة وحسب أو درجة تمنحها الجامعات.

ولعلّ أسخف خُرافة وأختم بها، وهي تلك التي تقول أنّ الكتابة لا تحقق المال أو أنّ الكاتب الحقيقي لا يكتب مقابل المال، وهذه خرافة كافية أن تصيبُ أي مبتدئ باليأس والبحث عن مجال آخر يسدّ رمقه، تبًا لقائلها ما أجهله. 

هذه بعض الخرافات، هل سمعتم خرافات أخرى حول الكتابة؟