تخيّل أنك بين يدي المنفلوطي وهو يقدم لك نصائحًا في الكتابة وافتح التدوينة.

لازلتُ لم أعتد على النشر على المدونة، مع أنه أمر طبيعي للأغلبية ممن يمتلكون مدونات شخصية، لكن اليوم رغبت في أن ندردش قليلًا على هذا الفضاء اللطيف. ولعل كل من يكتب يمر بفترات فتور تخونه فيها الذخيرة اللغوية، خاصة إن كان تقصيره على عدة جوانب ولاسيما القراءة، لأن الكاتب هو قارئ قبل أن يكتب، فمن يكتب دون أن يقرأ فهو ظالم لنفسه فقط.

وإن كنت ترابط على ثغر الكتابة وتتعب أو حتى تمر بفترات لا تكتب ولا تعرف السبب، فأنا اليوم سأشارك معك نصائح تركها لك قامة في الأدب والابداع مثل المنفلوطي، فاقرأها بعناية واحتضن فترات ضعف قلمك، ولا تقس على نفسك فذلك ليس حلًا بل سيزيد الطين بلة ولا تحمّل نفسك فوق طاقتها.

04 نصائح بقلم المنفلوطي من أجلك

حين سُئل المنفلوطي كيف يكتب قال: ولقد كان من أكبر ما أعانني على أمري في كتابة تلك الكلمات أشياء أربع سأذكرها لعل المتأدب [يقصد الساعي للكتابة الأدبية] يجد في شيئ منها ما ينتفع به في أدبه:

أولا: أنّي كنتُ أحدّث النّاس بقلمي كما أحدّثهم بلساني، فإذا جلستُ إلى منضدتي خيّلَ إليّ أنّ بين يديّ رجلًا من عامة الناس مقبلًا عليّ بوجهه، وإنّ من ألذّ الأشياء وأشهاها إلى نفسي أن لا أترك صغيرًا ولا كبيرًا مما يجول بخاطري حتى أفضي له به.

ثانيًا: أنّي ما كنتُ أحمل نفسي على الكتابة حملًا، ولا أجلس إلى منضدتي مفكرًا: ماذا أكتب اليوم؟ وأي الموضوعات أعجب واغرب، وألذّ وأشوق، وأيها أعلق بالقلوب، بل كنت أرى فأفكر فأكتب فأنشر ما أكتب، فرضيات الناس مرة وأسخطهم أخرى من حيث لا أتعمّد سخطهم ولا أتطلب رضاهم.

ثالثًا: أني ما كنت أكتب حقيقة غير مشوبة بخيال، ولا خيالًا غير مرتكز على حقيقة، لأني كنت أعلم أنّ الحقيقة المجردة عن الخيال لا تأخذ من نفس السامع مأخذًا، ولا تترك في قلبه أثرًا.

رابعًا: أني ما كنت أكتب للناس لأعجبهم، بل لأنفعهم، ولا أسمع منهم: أنت أحسنت، بل لأجد في نفوسهم أثرًا مما كتبت. فلا أحب أن يشككني فيها مشكك، ولم يهبني الله من قوة الفراسة ما أستطيع به أن أميز بين مخلصهم ومشوبهم، فأصغي إلى الأول لأستفيد علمه، وأعرض عن الثاني لأتقي غشّه.

وإن كنت ترغب في الاستزادة فعليك بكتابه النظرات، وأنا أخذتها من كتاب كيف تكون كاتبًا بارعًا للكاتب عبد الله ناصر داوود الكلمات لعلها تساعدني وتساعدك، ليس مطلوب منك أن تلتزم بها إن كان لك رأي آخر، لكن من المهم الانفتاح على تجارب وآراء المتقدمين والنهل من بحر معرفتهم ونهر تجاربهم الصافي، هذا ما كان في جعبتي اليوم، وإن أعجبتك تدوينة اليوم شاركها مع من تحب.