يأسرنا ذلك الكاتب الذي يستطيع أن يستثير كامل حواسّنا بحروفه، ويُحرّك رغباتنا المستترة، ويجعلنا نشعر بلفحة الشمس وهبّة النسيم… حتى أنّنا نشمّ رائحة المكان قبل رائحة الحزن أو الموت…

يقول الصحفي والكاتب الأمريكي إدواردو غاليانو

" أنا لا أطلب منك أن تصف سقوط المطر ليلة وصول كبير الملائكة، أنا أطلب منك أن تجعلني أتبلّل! فكّر في الأمر، أيها الكاتب، ومرة واحدة في حياتك، كن الزهرة التي تفوح بدلًا من أن تكون مؤرّخ العطر".

لكن كيف للكاتب أن يجعل قارئه يتبلل؟ هل هذا على سبيل المجاز أم أنّ ذلك ممكنا؟

تأتي الكاتبة أليس لابلانت لتشرح كيف ذلك فتقول: 

"التفاصيل هي شريان الحياة للكتابة الجيدة " ثم تضيف قائلة: 
"وليست أيُّ تفاصيل بل التفاصيل المحددة المتجذرة في الحواس الخمس".

أي أنّ كتابة التفاصيل المتجذرة في الحواس تكون بالانغماس في العالم إلى أعمق شعور فيه، أن يصف الكاتب ملمس مقبض باب غرفة شخصيته الرئيسية، 

ويصف الزر المخلوع من قميصها الحريري الأزرق السماوي… ويتعمّق في الوصف حتى تتحوّل الحروف إلى مشهدٍ متكاملٍ يثير كل حواس القارئ.

ويصف الكاتب والأديب الإنجليزي جوزيف كونراد عمليته الكتابية فيقول: 

" أريد بقوة الكلمة المكتوبة أن أجعلك تسمع، أن أجعلك تشعر وقبل كل شيء أن أجعلك ترى" .

وكأنه يقول أنه على الكاتب أن يوقظ حواسه الخمس ويجعلها في حالة طوارئ ، حتى يضع القارئ في المشهد كاملا مكتملًا ويحرّك كامل حواسّه.

ما رأيكم فيما قاله هؤلاء الكُتاب؟ وبماذا تنصحون الكاتب لينمّي شعوره وحسّه ليكون قادرًا على نقل القارئ من القراءة وحسب إلى عيش المشهد كله؟