للمرأة بصفتها «أماً» دور لا يضاهيه أي دور في مسألة غرس الهوية في أبنائها وتعزيزها. ومنطلق هذه الحقيقة كونها الإنسان الأكثر التصاقاً بالطفل منذ الحمل به، ثم ولادته، والعناية به، وتربيته وتوجيهه قبل التحاقه بمؤسسة المدرسة. وكل هذا في فترة عمرية مهمة جداً وهي الفترة التي تتشكل فيها هوية الطفل.. ومن هنا يقول حافظ إبراهيم:

الأم مدرسة إذا أعددتها

أعددت شعباً طيب الأعراق

في ستينات القرن الماضي وفي جو من انتشار اليوتوبيا الأمريكية أمام وجود ملايين المهاجرين من مختلف العرقيات والإثنيات في المجتمع الأمريكي ظهرت نظرية بوتقة الانصهار (Melting Pot Theory The).. تقول هذه النظرية: إنه ليس أمام كل هذه العرقيات إلا الذوبان في الثقافة الأمريكية الحاضنة. ومع أن هذا حصل وبنسب متفاوتة، إلا أن المتابعين وجدوا مقاومة من الهوية الإيطالية التي احتفظت بمقوماتها وبشكل لافت. انبرى المتخصصون للبحث عن السبب الكامن وراء هذه الحقيقة فوجدوه متمثلاً في الأم الإيطالية.. تربي الأم الإيطالية أبناءها بما يتسق مع ثقافتهم الإيطالية، وتعزز فيهم جوانب هذه الثقافة حتى أصبحوا متعايشين مع الثقافة الأمريكية الحاضنة ولكن دون ذوبان يلغي هويتهم الأم. واليوم وأمام ما نشاهده من سطوة العولمة الثقافية عبر أذرعتها المنتشرة في أدق تفاصيل الأسر والبيوت وما تفرزه من تأثيرات واضحة على الهوية الاجتماعية للأطفال يقع على عاتق الأم السعودية دور كبير في مقاومة هذا التأثير السلبي على هوية الطفل، لا سيما أن العالم اليوم أصبح مفتوحاً أمامه. ولكي تقوم الأم بهذا الدور الوطني المهم، فهي بحاجة إلى وعي بأهمية دورها في هذه العملية، وإلى معرفة بآليات تفعيل هذا الدور. ومن هنا فلابد من إدماج الأم -سواء كانت عاملة أو ربة منزل- في برامج توعوية، وحلقات نقاش، وورش عمل، ودورات متخصصة تقدمها الجهات ذات العلاقة.