هل لنكتب لابد أن نملك إلهاما وأحاسيس؟ ربما نعم وقد نحتاج أن نجعل من وصف لا شيء شيئا ذو معنى وقيمة، وبارعين في استظهار أبسط التفاصيل الى الواجهة لنأخذ بها عقل القارئ. لكن ماذا عن المواقف السردية والنصوص التي تحتاج من الكاتب أن يكون يمتلك ذاكرة قوية في استرجاع الأحداث وتذكر التفاصيل الماضية وليس العكس.

إذًا السؤال الذي يطرح نفسه، هل يحتاج الكاتب أكثر إلى توظيف سجل الذكريات القديمة أم ان إلهامه يكفي لجذب القارئ؟ وإذا كانت ذكريات الكاتب ولحظاته الماضية التي عاشها في أحد أيامه تمثل جزءا مُهما يلتصق به ومن غير الممكن أن يتجرد منه، فمن يترسخ في تفكير الكاتب أكثر و يجتذب اليه القارئ، هل الذكريات الحزينة أم السعيدة؟

في الكتابات الروائية أو القصصية تمثل الذكريات والإلهام عنصران مهمان يستخدمهما الروائي في بناء أحداث القصة وتشكيل حبكتها، مثلا قد نجد أن رواية بالكامل قد بنيت بذكرى معينة، ولكن الإلهام قد يتخلل مواضع أثناء الوصف بين ثنايا الرواية.

وقد وجدت الروائي العراقي جمال حسين علي صاحب أشهر رواية " موت بغداد" يوافقني الرأي، عندما قال: "في أحيان كثيرة الذكريات تساعد الكاتب وليس الإلهام"، ولكن قد نجد بيننا من يتساءل متى يحتاج الكاتب لاستحضار الذكريات وليس توظيف إلهامه؟

ترتبط الذكريات في الغالب لكل شيء له علاقة بالكاتب سواء من بعيد أو من قريب، قد يكون لحظات عايشها بنفسه، وقد تتمثل في قصص استمع إليها من أفواه الأجداد ولكن الميزة التي تنفرد بها الذكريات عن الإلهام كونها تأتي واقعية وحقيقية ويمكن للقارئ أن يستشعرها كونها ظاهرة للعيان بين الأحرف، لكن الإلهام العكس عبارة عن إحساس غير مرئي ولكن ممكن أن نلامسه عبر الأسلوب، ويتطلب من الكاتب استحضار خياله وإبداعه لتشكيل قصته الخيالية لتظهر للقارئ بأن أبطال القصة حقيقين. ومنها يمكننا أن نذكر بأن الذكريات على قدر واقعيتها وبساطتها في الوصف على قدر عمق مدلولاتها، وقد يجعل هذا القارئ في أحيان كثيرة ينجذب للكاتب لقدرته الفائقة في سرد ذكرى.

وماذا عنك، هل تتفق مع مقولة جمال حسين علي ؟