كلّنا قد نتمتع بمواهب فطرية وبغض النظر عن طبيعتها فهي مما لا شك فيه قد ساعدتنا في بناء شخصيتنا، وتنمية مهاراتنا ك: سرعة البديهة، التركيز، الإنصات الجيد وغيرها، إلا أن الموهبة وحدها لا تكفي لتحقيق ما نصبو إليه، لذلك العمل على تطويرها هي أحد العوامل التي تقودنا لتمتع بملكة الإبداع، لكن هل الإبداع يعني التحرر من القيود والثوابت؟ وهل يعني الانفراد بالشيء والتميز به؟

قد وجدت عالم النفس إريك فروم يقول: "الإبداع يتطلب الشجاعة في التخلي عن الثوابت".

هذه المقولة لها عدة قراءات لتفسيرها، مثلا لو ربطناها  بمجال الكتابة وصناعة المحتوى، نجد أن مفهوم الثوابت لها دلالتين:

1/- ثوابت اللغة:  هي مجموع القواعد نحويّةٍ و صرفيّة التي تمثل الأساس لوصف الظواهر اللغويّة المنتمية إليها. وقد نجد أحيانا من تميزوا بكتاباتهم وعرفوا بذلك، هم من أعطوا مساحة من الحرية لكلماتهم بعيدا عن التقيد بقواعد اللغة العربية وثوابتها، كما عرف الكاتب الفرنسي  توسان فاليري أن "الأسلوبَ هو انحراف عن قاعدة"، وفي القديم مثلا عرف مفهوم الانزياح في اللغة الذي يعني الخروج عن قواعدها لكن يتطلب أن تكون له دلالة، وأن يحقِّق إضافة جمالية للغة، وإلا فهو مجرد شذوذ لغوي لا يقدِّم ولا يؤخِّر ، لكن ما قد نلاحظه اليوم هو إنحرافا رهيبا للغة من خلال استعمال الكلمات الدخيلة للغة العربية كاللهجة العامية أو العبارات اللاتينية التي انساق الكاتب وراءها ظنا منه أن إبداعه يتطلب مجارات البيئة الرقمية التي يعيش فيها القارئ.

2/- ثوابت الكاتب: هي مجموع المبادئ الأخلاقية والإنسانية التي يضعها الكاتب لنفسه، وقد تكون ثوابتا فرضته عليه البيئة وارتسمت في شخصيته تلقائيا منذ الصغر.

لكن أرى أن الكاتب حتى يبدع لا يمكن أن يبقي نفسه متمسكا بثوابته الشخصية، مثلا شخصيات الرواية والأحداث التي بناها لا علاقة لها بثوابت الكاتب، قد يظهر فيها تفاصيل تناقض شخصيته الواقعية ونجده يبدع في ذلك، ولا يمكن للقارئ أن يتهمه بالخيانة أو الكذب كون أحد شخصياته تتمتع بهذه الصفة، لكن إذا بقي الكاتب متمسكا بإطار ثوابته الشخصية سيقضي أعواما تائها بين نصوصه ومشتتا بين كلماته.

 وأنت، ما تفسيركم لهذه المقولة؟ وهل أنت مع أو ضد؟