من منا لا يحب الحكايات... ومن لا يذكر أيام الطفولة حينما كنا نسعى إلى جداتنا، راجين إياهن أن يقصصن علينا حكايات لتأخذنا معها إلى عالم الخيال والأحلام. ومع كلمة «كان يا مكان، في قديم الزمان...» كانت تصير كل جارحة من أجسادنا أذنًا تصغي وقلبًا يعي.
فمنذ آلاف السنين، والبشر يروون القصص. لماذا؟ لأن السرد القصصي تجربة إنسانية عميقة تجمع الناس معًا من خلال لمس قلوبهم بمشاعر فياضة مثل السعادة والحزن والغضب والخوف، أو خلق عنصر الاثارة والتشويق المحبب لدى البشر.
وعندما تُستخدم القصص كاستراتيجية في التسويق وكتابة المحتوى، فإنها تعمل على جذب الناس، وتجبرهم على اكمال المحتوى لمتابعة خيوط القصة حتى النهاية من خلال اللعب على حثهم الفضولي.
ويقول «بيتر جوبر» في كتابه «Tell to Win»، أن البشر ببساطة لا يمكن التأثير عليهم لاتخاذ قرار ما من خلال الحقائق المعقدة أو جداول البيانات المعبأة بالأرقام. الناس يتأثرون بالمشاعر، وأفضل طريقة تجذب بها الناس لعملك الخاص أو محتواك هو أن تبدأ بـ«كان يا مكان...».
وتتخذ كتابة المحتوى أشكالًا عدة، ولكن يؤمن معظم الخبراء في مجال صناعة المحتوى أن الأداة الأكثر قوة هي السرد القصصي، بل ويقول بعضهم أن السرد القصصي ينجح دائمًا وأبدًا في الوصول لقلوب الناس.
ولكن، لماذا السرد القصصي يحظى بكل هذه الأهمية؟
- الكلمات القوية تثير ردود أفعال قوية.
قد يكون ذلك عبارة عن عنصر التشويق أو المفاجأة، أو حتى الحزن، ولكن النتيجة —أي رد الفعل— هي أكثر ما يهم. فيمكن للسرد القصصي الناجح أن بثير مشاعر جمهورك، ويعطيك ردة الفعل التي ترجوها.
- السرد القصصي يشجع الناس على اتخاذ الإجراءات.
«القصص توفر لنا المعرفة والإلهام اللازمين لاتخاذ إجراء ما» هكذا يقول عالم النفس «غاري كلاين» في كتابه «Made to Stick».
فسواء كان هذا الإجراء عبارة عن شراء منتج ما، أو المساعدة في حل مشكلة، أو المشاركة في التوعية عن قضية ما، أو شيء بسيط ككتابة تعليق والتفاعل معك؛ فكل هذا يمكن تحقيقه من خلال سرد قصة تحظى باهتمام القارئ، وتضعه في قلب الأحداث.
- السرد القصصي هو التسويق العاطفي في أفضل حالاته.
القصص هي لبنات بناء ممتازة للعلاقات العاطفية مع الجمهور والعملاء. ففي القصص تُستخدِم العاطفة في تحريك المشاعر والذاكرة؛ وذلك في سبيل الحصول على استجابة العميل وتفاعله، وبناء علاقة طويلة المدى معه.
- القصص تزيد من المصداقية.
تكشف القصص عن قدر كبير من قيم الشركات والعلامات التجارية وعن دوافعهم وما يمثلونه.
- للقصص صدى.
يركز العقل البشري على المحفزات ذات الأهمية العاطفية. فنحن نتذكر بسهولة تلك الأوقات التي شعرنا فيها بفرح عارم، أو حزن أدمى قلوبنا، وقد لا نتذكر ماذا تناولنا على العشاء ليلة أمس. ولنفس السبب نحن دائمًا ما نتذكر القصص التي تحرك مشاعرنا.
وفي النهاية، ما رأيك، عزيزي القارئ؟ هل بالفعل، السرد القصصي دائمًا ما يأتي بثماره ويؤثر مع القراء؟ وهل تعرف علامة تجارية تستخدم السرد القصصي في محتواها بنجاح؟
التعليقات