بعد فترة طويلة من الوقت، ها أنا أعود مرة أخرى إلى عالم الكتابة، عالم الأفكار المكتوبة والمشاعر المحفورة على الورق. نعم، أنا أعود مرة أخرى، ممسكة بقلمي بقوة وأجلس أمام ورقة بيضاء ناصعة تنتظر بصبر أن تتلقى كلماتي. ولكن السؤال الذي يدور في ذهني الآن، يدور بلا توقف، هو: ماذا بعد؟ عن ماذا سأكتب؟ أتساءل في صمت، هل تلك المنصات المختلفة التي اعتدت الكتابة فيها قد اشتاقت لي؟ هل هناك حنين مشترك بيننا؟ أم أن الشوق غير متبادل؟ لكن الحقيقة هي أنني لم أشتاق بالمرة. يقول البعض إن الكتابة هي الروح، هي تلك الشرارة التي تنير لك الدنيا، ومن ثم إذا توقفت عنها لفترة معينة، ستشتاق لها بالضرورة، سواء كان ذلك بعد أيام قليلة أو حتى بعد أشهر طويلة. ولكن هذا القول لم يكن صحيحاً بالنسبة لي. فعدت للكتابة ليس لأني شعرت بالشوق أو الحنين، بل لأسباب أخرى.

ومع ذلك، بعد السابع من أكتوبر، كلما بدأت في كتابة نص لم أتممه، كلما راودتني فكرة لقصة ما، تتداخل علي مشاهد من أهلنا في غزة، تلك الصور البائسة والمشاهد الموجعة. وكلما شعرت بالحماس لمشاركة صديقتي بما أكتب، أتذكر بألم أن صوتها مفقود، أن صوتها الذي كان يعزف موسيقى الحياة في أذني قد انقطع، وأنني لا أعلم إذا كانت ما زالت تتنفس في هذه الحياة أم أنها رحلت بعيداً.

بعد كل ما حدث، بعد كل الأحزان والألم، ما الشيء الذي يستحق حقا أن نكتب عنه؟ هل هناك شيء يستحق الكتابة بعد كل هذا؟