كجزء مِن عالم الكتابة.. ما رأيكم بما وصل إليه حال ومستوى فن الرواية؟

مشكلة يد الكاتب لها أثر سلبي كبير على الرواية قبل القراء أيضا، ففكرة حل أي مشكلة بقوة خارقة تأتيك لتحل عقدة الأمور بالرواية بشكل عشوائي يشعرني بأن الكاتب يستغبي القراء بشكل كبير، وهذا يجعلني لا أتابع وربما خير دليل على هذا الأسلوب المسلسلات والدراما الهندية تحديدا.

وهذا الأسلوب ظهر على يد الكاتب المسرحي يوريبيدس والذي كانت هذه الميزة الأساسية بمسرحياته، قوى خارقة تأتي وتنقذ الموقف دون سابق إنذار، وانتشرت هذه الظاهرة حتى أصبحت موجودة لوقتنا هذا. وغالبا يتم استخدامه بروايات الخيال العلمي والفانتازيا.

يتغلبون على يد الكاتب بما يسمى مسدس تشيخوف وهذا عن طريق الإشارة لهذه القوى الخارقة أين كانت ببداية الرواية حتى عندما يأتي دورها لا يستغربها القارىء، ومثال على ذلك فيلم alien حيث أشار في بداية الفيلم لمهاراتها بقيادة الرجل الآلي، فعندما قادته بقوة واحترافية بنهاية الفيلم أصبح الامر مقبولا من المشاهدين على العكس لو جاء المشهد الأخير مباشرة دون تمهيد.

وأنتم.. ماذا ترون فيما وصل إليه حال الرواية الآن؟ هل لاحظتم أخطاء واضحة فى روايات قرأتموها مؤخراً؟

حال الروايات تحديدا لم يعد كما كان، عدد الروايات الذي يصدر كل عام كبير جدا، والمميز قليل جدا، أرى انه يجب تقنين الأمر من الجهات المختصة.

لن أقول خطأ ولكن أمور لا تعجبني، وهي تطويع النهايات لتعجب الجمهور بصرف النظر إن كانت منطقية ومترابطة مع الأحداث أم لا.

يعتبر صراع العروش من الروايات القليلة التي لم نشاهد بها يد الكاتب، ولذلك أعتبرها سيدة الروايات الفانتازيا، وكذلك مسلسل breaking bad، لأن كل حبكة مُجهز لها بإحكام من البداية.

ولكن الروايات والأعمال الدرامية المصرية تعاني بشدة من مشكلة يد الكاتب، بحيث أصبحت مملة ومتكررة ونهايتها واضحة جدًا، إلا قلة قليلة.

أوافق فقط على استخدام يد الكاتب لو كان الحدث يتناسب مع نفسية البطل ومتوقع منه، وهنا يقبل إلى حد ما.

تعاني الرواية مما يمكن أن أسميه منخفضًا فكريًا، فالكتاب كثير منهم غير مثقف، أي أن الكاتب يقرأ روايات فقط، وهذا خطأ كبير، ما يجعلني كلما أقرأ مقدمة أو نبذة عن رواية أعيدها إلى مكانها، فليس لي حاجة لقراءة تحذلق أحدهم أو استعراضه المبتذل، أبحث في الرواية عن قيمة فكرية، وهذا توجه شخصي، فالرواية غير مطالبة بتقديم قيمة فكرية، ويكفيها أن تُمتع القارئ، لكنها إذا ما نبشت في أرضٍ لم ينبشها أحدهم، أو حلت معضلة أو كشفت سرًا، فستكون أجدر بمطالعتها.

لكن الروايات صاحبة القيمة هي التي لا تحقق مبيعات كبيرة في السوق، ولذلك تتراجع فرصة نشرها مع أحد دور النشر، فيما تتقدم التفاهات الصفوف لأنها الأعلى مبيعًا، وليس هناك مرحلة أسوأ من تلك يصل إليها الأدب.

لا أحبّذ استخدام تعبير "أخطاء" إذا ما تطرقنا إلى الفن الأدبي، لكنني أو إبداء رأيي حول ما نعانيه الآن من نقص في المحتوى الأدبي الجيد نسبيا، وهو ما أرجعه بنسبة كبيرة ليست بهينة إلى سلوك دور النشر في عالمنا العربي وآليات النشر التي تعرقل حركة وصول المحتوى الإبداعي إلى القراء. ففي إطار اختيار محتوى أدبي بمستوى فني جيد، تتردد دور النشر العربية عادة فيما بين المحتوى الفني الجيد والمحتوى الذي سوف يحقق مبيعات كبيرة، وهو ما يرجح كفة المبيعات على الدوام مما يضطر الدور إلى تحميل تكلفة النشر على الكتاب المبتدئين في معظم الأحيان، أو تفضيل أنواع هابطة من الفن الروائي كي تنشر على حساب أخرى،وما هو ما يعطل حركة نشر المحتوى الأدبي ذي المستوى الرفيع نسبيا.

هل قرأت رواية أو شاهدت فيلماً مؤخراً حيث شعرت بمثل هذا الشعور؟

مع الاسف يا أ. مينا، ما نراه الان من اعمال درامية أو حتى ما نقرأه من روايات مكتوبة تنقصها في كثير من الأحيان ، الحبكة الدرامية ، وغالبا ما تتحدث عن واقع غير الذي نعيشه، تجد دائما سيدات جميلات ومتأنقات يعشن في فيلات ولديهن سيارات ، ومتزوجات من رجال أثرياء وناجحون ، ويدور الصراع حول المال والسلطة وليس عن لقمة العيش.

فتصبح مشاهدة الأفلام مثل المخدرات ، لتضليل العقل والهروب من الواقع. على طريقة فاصل ونعود.

قفز لذهني عملان دراميان هما : مسلسل بعنوان لأعلى سعر كان بطولة أحمد فهمي - زينة - نيلي كريم ، وفيلم حين ميسرة بطولة سمية الخشاب ومحمد سعد فيما اذكر.

الاول بدأ فيه الطبيب في شقة في حي شعبي وسرعان ما اصبح صاحب مستشفى ودار الصراع مع النجمتين في من ستفوز به.

والفيلم الثاني به كمية جرائم أخلاقية ومجتمعية خاطئة تشوه الواقع المؤلم الذي يعيشه الفقراء، وكأن الفقر ليس كافيا فصرنا نرميهم بمبتذل الصفات والموبقات.

في العمل الأول شاهد الفساتين والديكور وتسريحات الشعر والمكياج والوهم ايضا.

وفي العمل الثاني ، استعراض لما يخجل القلم عن ذكره .

وفي كليهما، الهدف المادي واضح لمصلحة المنتج وصاحب رأس المال والممثلين. ولا عزاء للجماهير.