كثيرا ما نسمع عن مغالطة الشخصنة، لكننا جميعا قد نقع فيها من حيث لا نشعر حتى ولو كنا نعرفها! فهي ليست مغالطة واحدة، بل تنقسم لعدة أنواع كما ورد في كتاب "المغالطات المنطقية في وسائل الإعلام". وكلها تندرج تحت الشخصنة، بداية من "القدح" وهو مهاجمة القائل بتاريخه، وهنا قد تُقبل (كما ذكر الكاتب) إن كانت متعلقة بنفس قضية النقاش والتشكيك في مصداقية القائل، مثل أن ينقل القائل رواية وهو غير مؤهل للثقة في النقل (فمن البدهي أن لا أصدق شخصا معروفا بالكذب مسبقا مثلا). لكن أغلبنا عادة يقع في النبش في ماضي الخصم لعجزه عن تفنيد كلامه. وهو ما يتجلى في نقاشاتنا اليومية في الواقع أو المواقع، مثلا سجين سابق يتحدث عن أساليب تربية، فنهاجمه على إثر سابقته حتى لو كان تائبا منها ونتجاهل فكرته رغم أنها قد تكون صحيحة ومقنعة. وقد نقع في شكل آخر وهو "التعريض بالانتماء" حين نرفض الفكرة بسبب خلفية القائل أو بلده أو ميوله العرفي أو الديني، لا بسبب مضمونها. كأن يكتب شخص عن حرية التعبير، فيرد عليه آخر: "أنت من بلد ما فيه أي حرية، من وين لك وجه تتكلم؟"مع أن كلامه نفسه قد يكون صادقا أو مفيدا! وآخر شكل هو ما سماه الكاتب "أنت أيضا تفعل ذلك" فبدل أن ندافع عن خطئنا، نتهرب بالقول: "طيب وأنت؟ مو سويت نفس الشي؟"، وكأن خطأ غيرنا يُسقط خطأنا، أو على الأقل يُشتّت النقاش.. وهذا برأيي أكثر نوع منتشر في نقاشاتنا بدون أن ندرك أننا نشخصن!