في كتاب "المغالطات المنطقية في وسائل الإعلام"، يشرح المؤلف مغالطة " الرنجة الحمراء" بأنها حيلة قديمة اسمها مستوحى من خدعة الصيادين أو الفارين من العدالة الذين كانوا يجرّون سمكة رنجة حمراء على الأرض لإرباك كلاب الحراسة وإبعادها عن الرائحة الأصلية التي تتبعها. الفكرة في النقاشات شبيهة تماما.. فبدل أن نواجه القضية المطروحة، نقفز إلى موضوع آخر يثير المشاعر ويصرف الانتباه.

الكاتب يطرح امثلة واقعية على ذلك، منها أن يسأل المحاور أحد الضيوف عن مشروعية مطالب المحتجين ضد نظام استبدادي، فيرد الضيف بأن أنظمة المنطقة العربية كلها استبدادية أيضا، ثم يتساءل: لماذا تسلطون الضوء فقط على نظامنا وتتجاهلون استبداد الآخرين؟

هنا لم يجب الضيف عن السؤال، بل حوّل مسار النقاش إلى قضية أخرى لإثارة حنق المشاهدين على أنظمة أخرى، مما يخفف الضغط عن قضيته الأساسية!

الكاتب يوضح أن خطورة هذه المغالطة في أنها لا تكتفي بتجاهل السؤال بل تصنع بمهارة موضوعا بديلا يبتعد تماما عن جوهر النقاش، فينشغل الناس بملعب آخر، بسمكة الرنجة الحمراء!

كم مرة وجدنا أنفسنا نناقش قضية لم نأتِ من أجلها أصلا.. لأن الطرف الآخر جرّنا بمهارة إلى قضية جانبية؟