بداية هذا الكتاب من الكتب الجميلة والمهمة في أدب الرسائل وهو عبارة عن رد الكاتب هيرمان هسه على رسائل وأسئلة القراء والكتاب الشباب وهو أحد أهم الكتاب الألمان، ومن خلال مطالعتي للكتاب أتفهم جدا أن يقوم الكتاب الشباب والقراء بسؤال كاتبهم المفضل أسئلة تؤرقهم عن الحياة والدين والفلسفة لأنهم لديهم ثقة في إجابته وفي رده، والذي كانت ردوده تستحق التأمل بالفعل. ولكن هذا الأمر جعلني بدوري أتساءل ما الذي يجعلنا نشارك الأسئلة مع غيرنا ما هو الدافع؟ وخاصة في ظل هذا التطور ووجود المنصات فنحن نسأل الأخرين بشكل عشوائي نقوم بطرح الأسئلة على المنصات أو على وسائل التواصل الاجتماعي فنحن لا نكتفي بسؤال من نعرفهم أو نثق في رأيهم بل نسأل في كل مكان.
كتاب أنت جواب السؤال: ما الذي يجعلنا نشارك الأسئلة التي تؤرقنا أو تشغل بالنا مع الأخرين؟
في نظري الأمر يتعلق بالرغبة في المعرفة والفضول للتعرف على أراء الآخرين بشكل أساسي والفضول بالتحديد أعتبره من اقوى الدوافع لدى الانسان، ومن جهة أخرى فكرة المشاركة والتفاعل الإجتماعي مع الآخرين والدخول في نقاشات تحث العقل على التفكير.
الأمر يتعلق بالرغبة في المعرفة والفضول للتعرف على أراء الآخرين..
هو كذلك في الغالب، لكن أحيانا يكن الشخص مستقر على رأي أو جواب ما ورغم ذلك يطرح الأمر للنقاش!
ربما للتأكد من صواب قراره أو اختياره، وربما لتعديله اذا ما تبين خطأه.
يطلقون عليه رغبة الحصول على ال validation أو الإقرار بصحة ما يعتنقه الشخص وما يقتنع به وهي رغبة توجد لدينا جميعًا بدرجات، لكن المبالغة فيها تؤدي للكثير من الأضرار وتخلق الكثير من الشخصيات الغير متزنة التي تعتمد على تقبل الآخرين لها بشكل كامل وفي النهاية اتباع الناس من أجل الحصول على رضاهم من أنجح الأمور التي قد يقوم بها الإنسان لإفساد حياته بشكل كامل.
تذكرت مشهد من مسلسل لن أعيش في جلباب أبي عندما أعترض العاملين مع عبد الغفور عن أنه يسألهم وفي النهاية يتخذ القرار المناسب في عقله وكان رده عليهم " مهو أنا مبعرفش إن أنا صح إلا لما بسمع رأيكم" فالسؤال هنا هل يقوم بعضنا حتى بشكل لا واعي بطرح أسألته كاستطلاع رأي ليس إلا؟ وهو بالفعل مستقر على قرار معين؟
أنا معك فيما تقول ولهذا عن نفسي أشارك معكم هذا السؤال، ولكن هنالك جانب آخر من هذا الأمر هو أن البعض يعتمد على المنصات في طرح أسألته ومع الوقت يتجنب سؤال من حوله بشكل فعلي وحقيقي ربما أريد تسليط الضوء على هذه النقطة لأنني وجدتها منتشرة بكثرة، فما الذي يدفع بعض الناس إلى سؤال الغرباء عنهم بدلا من الأقارب والمعارف؟
أعتقد أن الانترنت جعل الكثير من الأقارب والأشخاص في الأسرة الواحدة يأخذون طرق مختلفة تمامًا عن بعضهم والحياة عمومًا تفعل ذلك أيضًا لكن الانترنت يساعد على هذا، في اعتقادي هذا هو ما يجعل البعض يشعرون بالغربة وسط أقرب الناس إليهم وبالتالي يكون هذا التوجه الذي تصفه، هذا تحليلي للأمر وهو تحليل شخصي أيضًا لأني مررت بهذا في فترة من حياتي خصوصا في الفترة بين 2010 و 2013 لكن مع النضج تغير هذا بي كثيرًا.
أرى دائماً أن طرح الأسئلة ميزة وعادة إنسانية من الدرجة الأولى، فالإنسان يولد ولديه فضول دائم للتعرف على كل شيء من حوله، كما أن أهم شيء تفيدنا فيه تلك العادة هو زيادة قدرتنا على حل المشكلات التي تواجهنا يومياً، إذ أننا نتعرف على مختلف الآراء سواء التي تتناسب مع شخصياتنا أو تختلف معها، والهدف الحقيقي الذي يجعلنا نتشارك الأسئلة مع الآخرين من وجهة نظري هو حل المشكلات وليس مجرد الحصول على إجابات.
هناك بودكاست إسمه قلق الأسئلة، حقاً التساؤل ما يسببه هو محاولة التخلص من القلق، فلدى مشكلة لها علاقة بمجال محدد كلما أقابل شخصاً يعمل فى هذا المجال أسئله عنها وأنا أعرف أن هذا قلق منى أننى لن أستطيع التصرف فى وقت معين بسبب مشكلة ما على جميع الناس فى هذا المجال، وكان كل شخص يعطينى إجابات لا تمد للأخرين بصلة، وما إكتشفته مؤخراً أنه لا أحد يدري، بمعني أخر محصلة الردود أنه لا أحد يعرف السبب.
فطرح السؤال غالباً ما تسأل عنه بسبب ماعندك من قلق، ومن ثم لأكثر من شخص حتى تحصل على محصلة إجابات كافية عن موضوع ما، وتشعر حينها بالرضى أو لكى تطمئن بمحصلة معلومة شئ معلوم.
- الجهل خوف وقلق وحيرة، والسؤال وسيلة للإطمئنان والراحة، ومحصلة إجابات فى إجابة موحدة هو مفتاح الإطمئنان.
مثال: بنت تقدم لها عريس ثرى جداً لا يُعلم مصدر ثراءه هو وأهله ولا يخبرون أحد عن مصادر أموالهم؟! ماذا حدث فى العقل الأن؟! بالتأكيد خوف وقلق، ولن تهدأ حتى تعرف مصادر أموالهم الطائلة هذه إذاً فالجهل علامة إستفهام وخوف وقلق.
أنا مهتم بمشاهدة هذا البودكاست فيا ليتك تدلني كيف؟
وبالنسبة لما طرحته فأنا أراه فضول وليس رغبة في السؤال وهذا يبدو بشكل واضح في مثال العروس.
أما بالنسبة للتساؤل فأريد أن أضيف على ما قلته أن هناك تساؤل بغرض التفاخر ودعني أقلها هكذا مع أنه هناك كلمة أخرى تمثلها أكثر.
مثلا: عندما أسألك ما هو أفضل فيلا في التجمع الخامس أم فيلا في مارينا 4؟ هما خياران بعيدان عن بعضهما تماما لكن غرضي من السؤال هنا أن أوصل لك فكرة بأني من طبقة معينة أو أريد أن أتفاخر. خاصة ولو كنت أسألك هذا السؤال وأنت لست متخصص في الإجابة ولن تفيدني بشكل عملي.
ما الذي يجعلنا نشارك الأسئلة مع غيرنا ما هو الدافع؟
أظن أنه هناك دوافع عدة ولكن بناءا على ماذكره حمدى يقصد الأسئلة التى تؤرقنا الذى نسأل عنها شخص وأخر وأخر وهكذا.
هناك أسئلة كثير غير القلق، والتفاخر، هناك سؤال للتوضيح، قد أسألك لأعلمك شيئاً وقد أسألك لأطمئن عليك والكثير من الدوافع الأخرى فهمت قصدى؟!
أنا مهتم بمشاهدة هذا البودكاست فيا ليتك تدلني كيف؟
هو بودكاست أكثر من رائع ومن ضمن ما يتحدث عنه الزواج والأسئلة المصيرية يمكنك البحث عنه على يوتيوب سيظهر لك هو بودكاست أكثر من رائع.
وقد أسألك لأطمئن عليك
أنا وصلني قصدك من هذه الجزئية لكن دعني أصدمك بفكرة اطمئن عليك هذه وهي أن الاطمئنان لم يعد يقتصر فقط على السؤال عن الصحة بل قد يكون له أغراض غير صالحة.
فمثلا تواصل معي أحد الأشخاص الذين كنت أعمل معهم مسبقا وفي نفس كنت مبتدئا في شركتي أي في خطواتها الأولى، وكان يتضجر جدا عندما يسمع اسم شركتي في البداية حتى وأنها كانت مبادرة يعني لن أنافسه أبدا خصوصا وأن صناعته تختلف عن ما نقدمه ومجال عملنا.
المهم أنه تواصل معي ليخبرني بأنه يريد عمل حزمة استثمار كاملة لشركته ليعرضها في مسرعة أعمال في الخليج. لما أرسلت له زميلتي عرض السعر اختفى ولم يتواصل مرة أخرى. فلما حكيت القصة لأحد زملائي القدامى قال لي بأنه على الأغلب لا يريد عمل شيء فعلي معنا بل أنه يسأل فقط ليعرف أين وصلنا في الشركة من باب الفضول أو الغيرة.
نعم أعرف هذا الأمر ويحدث وبكثرة ودائماً.
يسأل عنك كيف الحال، أردت الإطمئنان عليك!!
كيف حال كذا وفلان وفلان وهو يتحدث معى من أجل نقطة فى ذهنه يركز عليها، بئس البشر هذا النوع الإستغلالى.
أعتقد أن هناك شقين في سؤالك، الأول هو لماذا نسأل من نعرفهم (حتى لو كان كاتبًا مشهورًا) والثاني لماذا نسأل في كل مكان (كمجتمعات التواصل مثلًا)
بالنسبة للسؤال الأول فهناك عدة محاور، أحيانًا صياغة السؤال والأفكار بشكل واضح وسماعنا بصوت عالي يساعدنا على فهمها أكثر، أو ربما نود أن نستمع لوجهة نظر جديدة فيما نفكر فيه، خاصة لو كانت من شخص نثق في رأيه سواء كان قريبًا أو بعيدًا، وقد نحتاج أيضًا لنقاش يجعلنا نتعمق أكتر في فهم الفكرة أو المشكلة وذاتنا أيضًا.
بالنسبة للجزء التاني الخاص بالسؤال بشكل عام على مواقع التواصل، الهدف في العادة يكون الاستماع لأكبر عدد من الآراء المختلفة. لكن في الوقع أرى الأمر هنا ضرره أكثر من نفعه، وهناك الكثير ممن لا يصلحون لإبداء الآراء لنا، وكذلك حتى يجيبون بدون التعمق في المشكلة، كما يكون هناك الكثير من إصدار الأحكام، وأرى سؤال فئة معدودة تثق بها حتى لو كانت كأن تسأل كاتبًا مشهورًا أفكر من أن تترك سؤالك الشخصي على أحد مواقع التواصل هكذا فحسب. ولكن إن كان السؤال لا يمس جوانب شخصية أو تبحث عن حل لمشكلة ذاتية، فيكون الحل جيدًا لنقطة عرض آراء كثيرة ومختلفة فقط
لكن في الوقع أرى الأمر هنا ضرره أكثر من نفعه
هذا لاحظته مؤخرا في جروب محدد بالعمل والوظائف على الفيس بوك وأصبح نادرا مؤخرا أن يتم الإجابة على سؤال الشخص أصلا بل يتم التوجه إلى فرض رأي شخصي أو قول نصيحة بعيدة تمام عن سؤال الشخص، لدرجة جعلت العديد ينوهون قبل طرح أسألتهم عن شركة معينة أو وظيفة معينة بأنه يسأل للحصول على إجابة من الذين يعرفون بالفعل الشركة أو نوع الوظيفة ولا يبحث عن رأي شخصي أو نصحيه. وأتذكر أيضا أنني سألت في جروب مخصص للكتب عن كتاب معين لو أحد يعرف معلومات عنه ووجدت بعض الأشخاص يجيبون بأنه عليك البحث على جوجل! وهم لا يعلمون أن جزء من عملي لسنوات طويلة هو البحث على الأنترنت أصلا والوصول إلى المصادر مهما كانت صعبة أو نادرة وأيضا عملي لسنوات في صناعة الكتب نفسها ودور النشر ولكن سؤالي في الجروب كان للبحث عن إجابة من شخص قرا الكتاب مما جعلني في مرة ثانية قبل أن أطرح السؤال أن أقول أطلب رأي من لديه معلومة ويعرف الكتاب وهنا حصلت على الإجابات. فالضرر كبير بالفعل وخاصة أنه الإنسان لديه الرغبة في وضع إجابة أي كانت بدلا م الإجابة بالفعل عن السؤال.
هناك مثل عربي قديم يقول "لا خاب من استشار" وعلم النفس الاجتماعي به نظريات كثيرة تجيب على سؤالك منها نظرية التأثير الاجتماعي - Social Impact Theory: اقترحها بيب لاتانيه، هذه النظرية تشير إلى أن القرارات تتأثر بشكل كبير بالآخرين، سواء من خلال التأثير المباشر أو غير المباشر. يمكن أن تؤدي الاستشارة إلى زيادة التأثير الاجتماعي وتعزيز اتخاذ القرارات الفعالة.
وأمركم شورة بينكم! هذا شيء متفق عليه فيما بيننا ولكن السؤال لو أن القرارات تتأثير بالأخرين فمن الممكن أن نتأثر برأي لا يناسبنا فما الذي نفعله لنأخذ الرأي الذي يناسبنا ونترك غيره بمعنى كيف نعرف صواب الرأي من الشخص فربما يكون فقط جمع رأيه من النت أو من شات جي بي تي فبالتالي ننظر هنا لجودة الرأي بغض النظر عن مصدره؟
في السابق كنت أعتمد بجمع معلوماتي وزيادة سعتي الفكرية بالدرجة الأولى على طرح الأسئلة ورمي فتيل النقاش في أي تجمع عائلي أو محيط عملي وصداقات، السبب كان الفضول بالدرجة الأولى والرغبة في معرفة ما ورائيات العقول المحيطة بي وتطوير وجهات نظري، واقتباس اساليب النقاش، والجميل فعلاً أنك تلاحظ طرق مختلفة للإجابات تفيدك في حل المشكلات وتضيف اليك اساليب واستراتيجيات بسيطة وراقية للنقاش وردود الافعال..
وفي الوقت الحالي توسع الأمر ليشمل المنصات فعلاً فيمكنك إيجاد نفس الفئة العمرية المهتمة بنفس الموضوع الذي يشغلك وتريد اجابة فعالة له، كما هو الحال هنا في حسوب.
حسنا أنتِ تعتمدين على سؤال من لديهم الخبرة فيما تريدين وفي نفس الوقت في التجمعات العائلية فربما هذا يفهمنا العديد من الأشياء عن الأشخاص من حولنا، وهذا نوعا ما قريب لوجهة نظري وهي سؤال من حولنا فبالسؤال تعرف كيف يفكر غيرك وبالتالي تعرف جزء من شخصيته ربما سيكون مجهولا لك لو لم تطرح عليه السؤال بالأساس فمنها تجد إجابة لسؤالك وأيضا تعرف غيرك وكيف يفكر أليس كذلك؟
التعليقات