كتاب الإنسان ذلك المجهول: من أنت أيها الإنسان؟

علينا أن نفرّق برأيي بين الإنسان المجهول والإنسان الجاهل، فالذي وصفتهم هم فئة الجهلة الذين لا يعرفون أنفسهم نهائياً ولا بذرة واحدة وغير مهتمين أصلاً في الوصول لأي نوع من الحقيقة، تغريهم الماديات، بل وتغرقهم أيضاً هذه الشهوات المادية، هؤلاء جهلة، عندهم تعمّد لإبقاء أنفسهم بحالة من الحهل والضياع والتوهان المقصود، أما الإنسان المجهول هو الإنسان الذي يرغب فعلاً كالعلماء بمعرفة جزء من حقيقة ذاته، كداروين والرومي ومحمود درويش وطه حسين..الخ والكثير غيرهم وكل شخص بطريقته، هؤلاء هم فقط يدركون ثقل أنفسهم ويحاولون مقاربة حقيقة ما أو زاوية ما لحقيقة أنفسهم ويفشلون طبعاً بسبب عظم المهمة لا تفاهتهم. الإنسان المجهول والذي يرغب بفكّ هذا المجهول نادر الصراحة في بحر من الجهلة والمستهترين بقيمة وجودهم، حمستني للقراءة بالكتاب والله.

أجد أن هذا التوهان شيء طبيعي في الانسان، في مرحلة من مراحل الحياة ستشعر بالشتات والضيق وتبحث عن حقيقتك، حقيقة وجودك ولماذا خلقت وما موقعك في هذا الكون الواسع، بعد ذلك ستبحث عن شيء يميزك رغم صغر حجمك في كون شاسع، لماذا أنا؟ ما الذي يجعلني محور الكون؟ وأنا مخلوق ضعيف مغلوب على أمره؟

هذه الأسئلة تدور في خلد كل من وصل للمرحلة الفاصلة بين الشك واليقين، هذه المرحلة إما أن ترشدك للتفكير الصائب والتصالح مع الذات والواقع، او تجعلك تنفر من كل ما سبق، وقد فاز من يعرف كيف يديرها.

لو كان الإنسان ذلك المخلوق العجيب كباقي المخلوقات لما اختاره الله لحمل الأمانة. الإنسان معقد بالكامل وسيظل كذلك، المهم في الأمر أن يحاول الإنسان أن يفهم نفسه قدر المستطاع وهو ليس بالأمر اليسير فكل يوم يمر على الإنسان يحمل خبرة جديدة ويضع حجراً إضافياً لشخصيته، ويستمر هذا الأمر حتى يوم وفاته. الأمر الثاني على الإنسان أن يتقبل الآخر. حكمة أزلية.

الإنسان ينشأ فكريًا بناء على تراكمات كثيرة لخبرات وتجارب الحياة ويتاثر بمن حوله في مجتمعه وأسلوب حياتهم وتفكيرهم، ويعالج تلك المعلومات مقرونة بالعلم الذي يتعلمه لبناء مفهومه عن الحياة، ووضع هدف لحياته كما يريد ان تكون وبالتالي يبدأ في السعي في طريقه نحو الهدف. السبب الوحيد برأيي لجعل إنسان يتخبط في الحياة هائمًا هو غياب الهدف والمعنى من حياته.

من أنت أيها الإنسان؟

لدي الكثير من الإجابات قد أحكي بها عن نفسي الآن. كيف أفكر؟ ما هي مبادئي في الحياة؟ ما هي اهتماماتي الحالية؟ ما هو مجال دراستي ووظيفتي؟ وغيرها من الأسئلة التي في إجاباتها يمكنك أن تتعرف علي بشكل أكبر.

لكن مساهمتك جعلتني أتسائل هل هذا أنا حقًا؟ إنه أنا في هذه اللحظة. لكنه ليس شرطًا أن يكون أنا بالأمس أو أنا قبل عام أو بعد خمسة أعوام. وكذلك فأنا الذي أراه ليس يشبه أنا الذي يراه من حولي أو ذلك الذي يرى هنا على مواقع التواصل. فهناك نسخة مني في عين كل شخص وهناك نسخة مني في كل نقطة من الزمن.

لذلك عندما تسألني من أنا أفكر فعلًا في أني شخص مجهول. سيأتي ويذهب ولن يعرفه أحد كما لن يعرف أبدًا حدود نفسه

وبالتفكير في الأمر فهي ليست مشكلة كبيرة على الأقل لدي إجاباتي الحالية عن الأسئلة البدائية لتخبرني ما أنا لست عليه. فأحيانًا يكون هذا السؤال أكثر أهمية