وقف الظابط يشرح بحماس وسرور طريقة الإعدام بالتعذيب التي سيستخدمونها في حق المحكوم الذي تجرأ على إمساك قدم سيده وطلب منه إلقاء السوط عندما ضربه به لأنه نام! الإعدام يتم عن طريق آلة صممها قائد قديم يبجله ذلك الظابط لدرجة تقترب من العبادة، وبالرغم من قدم الآلة وتهاويها يحاول إصلاحها، وبالرغم من معارضة القائد الجديد يحاول بكل جهده إقناعه بالاستمرار بتعذيب المحكوم عليهم دون محاكمة بالتعذيب بالآلة التي تغرز الوشوم بإبرها في أجسادهم لعدة ساعات حتى يفارقوا الحياة ويتم إلقائهم بحفرة.

تذكرت أثناء قراءتي لذلك وسائل تعذيب وإعدام بشعة تم استخدامها عبر التاريخ مثل فصل الرأس عن الجسد بالمصقلة، الحرق حيًا، الخازوق، ومثل ما كان يحدث بمحاكم التفتيش من ألوان عذاب، ومثل ما كان يحدث بمعسكرات النازية من التفنن في عذاب الجميع حتى الأطفال يتم إجراء التجارب عليهم، والمواليد يتم ضربهم بالحائط، والعذاب الذي تحمله الأمريكان الأصليين والطرق التي تم إجبارهم على مشيها لمئات وربما آلاف الأميال، وما حدث بسجون سوريا من تعذيب لدرجة فقد العقل، وما يحدث الآن بغزة من قصف وتعذيب وتجويع.

اختلفت طرق التعذيب والنتيجة واحدة، وحينما اقرأ عن هذه الطرق أو أشاهدها أو أسمع حكايات الناجين أوشك على كره البشرية والعالم ونفسي أيضًا، وأحاول دائمًا فهم كيف يمكن أن يتجرد شخص من إنسانيته ويتفنن في تعذيب غيره؟! ألا يدرك أنه إنسان مثله يشعر ويحس ولديه عائلة وطموحات وأحلام؟! أو ماذا يقول لنفسه ليقنعها بسلخ إنسانيته والتحول لشيء أبشع من الشياطين، ألا يفكر، ألا يؤلمه ضميره، وكيف ينام ليلًا؟! أسئلة كثيرة تخطر ببالي ممزوجة بالمرارة والحنق على البشرية والعالم بأكمله.