"حينما يكون المرء على دراية بوقوع مصيبة، يتلقى ضرباتها بصبر" .. لكن مرات نشعر بالمصائب وشيكة نستنزف لأجلها جهدنا، طاقتنا النفسية والجسدية، نتأهب لها، نتأهب كيف سنتعامل معها، ثم ننتظرها بقلق ينهشُ داخلنا، وفي نهاية المطاف لاتقع ! وربما أيضا قد تقع، لكن سنكون على أتم استعداد لها صح؟ بعد ماذا، بعد تآكلٍ لاينتهي، واستنزاف عظيم، وقد لاينفع تخطيطنا وتأهّبنا له بسبب أن المصيبة حينما أتت وجدتنا ضعفاء، لدينا خطة للتصدي لها ولكن ليس لدينا طاقة ! .. ماذا لو في المقابل لم ننتظرها، لم نبالِ بها، تجاهلنا أنّها ستقع، عشنا بسعادة، ثم هاهي ذا مصيبتنا تطرق أبوابنا؟ بل وتحدث مُخلّفةً صدمة .. والصدمة بسبب عدم انتظار الأسوأ !. .. بين ذلك وذاك نعلقُ في المفارقة ، هل سنعيش أم سنقلق؟ وإن عشنا هل سنتحمّل وقع الصدمة؟ وإن قلقنا هل ستكون لنا الطاقة الكافية للتصدي فيما بعد ؟ .. بعد عديد التجارب الشخصية ومن ملاحظاتي لِمَن حولي، وجدتُ الحل أخيراً، والذي أعفاني من التفكير الزائد عن الحد overthinking . .. بسبب هاتين المفارقتين أجدُني منشطرة نصفين أن أتوقع الأفضل بنسبة 90% مع ابقاء هامشٍ لحدوث الأسوأ بنسبة 10% هو مايبقيني موازنة بين التفاؤل والواقعية (لكي لا أقول تشاؤم).
رواية "فضل الليل على النهار: حينما يكون المرء على دراية بوقوع مصيبة، يتلقى ضرباتها بصبر" ما رأيكم؟
هذه النظرة للحياة تصبح أعقد حين يتعلق الأمر بالعلاقات الاجتماعية. يقولون إن على الشخص أن يحاذر عند تعامله مع الناس ويتوقع منهم الأسوأ، ويقولون كذلك عليك أن تحسن الظن بالناس. فأيهما أصح أن يُتبع؟!
أعتقد أن الأضمن هو أن يسير الشخص في علاقاته بمبدأ بسيط ليضمن حماية نفسه من أذى الغير، وألا يظن بهم الظنون في الوقت ذاته، وهو مبدأ الحرص وعدم التخوين. حرص الشخص هنا يمثل النظرة الواقعية، بينما عدم التخوين يمنعه من الإفراط في الحرص حتى لا تتحول واقعيته إلى تشاؤمية.
أذكر أنني كنت على علاقة بأحد الأشخاص حين بدرت منه تصرفات سيئة، ولكني لم أعانِ كثيرًا لحسن الحظ، والسبب في ذلك أنني توقعت تلك السيناريوهات من قبل، وأعدت خطتي لتحمل الأمر مسبقًا، وهكذا مرّ الأمر بسلام.
قرأت مقولة لأحمد خالد توفيق " هذه هي فلسفتي ، دائماً أتوقع الأسوأ وفي كُل مرة يتضح أن توقعاتي كانت أسوأ من الحقيقة ، هذا جعل الحياة بالنسبة لي سلسلة من المُفاجآت السارة .... المتفائلون في رأيي هم أكثر الناس إصابةً بخيبة الأمل".
أعتقد أن أحمد خالد توفيق مثله مثل الشاعر ( وليس الشافعي كما ينسب إليه) الذي قال:
فلا يكن ظنك إلا سيئا ..... إنً سوء الظن من حسن الفطن
ما رمى الإنسان في مخمصة ......غير حسن الظن و القول الحسن
وولكني جربت تلك الطريقة فوجدتها لا تتفق و الوجود البشري السليم! لأنها إن عاجلاً أو آجلاً ستتطبعني بطابعها السيئ وتمرر علي حياتي. ونحن مأمورون بان نكون حذرين ولكن بدون سوء ظن....
"الحياة تتأرجح كالبندول بين الألم والملل"
على الرغم من أن هذا الاقتباس ينسب إلى فيلسوف التشائم شوبنهاور ولكني أراه أفضل اقتباس يمكنني من تقبل الصدمات في الحياة واحدة تلو الاخرى وأجد في الصدمات طريقة لكسر ملل هذه الحياة الرتيبة في كثير من الأحيان، فبقدر ما يراها الناس تشائمية أراها واقعية ومناسبة للتفكير الذي يقود لحل المشكلات بصدر رحب.
هو مايبقيني موازنة بين التفاؤل والواقعية (لكي لا أقول تشاؤم).
لكن صراحةً ومع احترامي الشديد لتجاربك، قد لا يكون صائباً كفاية أن يكون التوازن بين 90% و10%.
الأصل في التوازن أن يكون النصف أو أكثر قليلاً بين التوقعين، ولعل ذلك ما أؤمن به حقاً وهو ما خطر ببالي عند رؤية مساهمتك أن نوازن بين التفاؤل بالخير والاستعداد لغير ذلك، بشرط أن يكون ذلك بدون إفراط ولا تفريط بل بإعطاء احتمالية مناسبة لكلا الحالتين. فلا يشغلنا التفاؤل عن الواقع المحتمل وفي ذات الوقت لا يكون الاستعداد للأسوأ مصدر قلق وريبة وانفصام عن الواقع.
التوازن لا يعني التساوي ربما !
التوازن هو أن ترجّح بين شيء أو عدة أشياء ، وليس كل 50/50 توازنا ًً!
وقد تحدثت عن نسبتي أنا التي وصلت لها بعد آلام وتجارب عديدة، كلٌّ وتجربته، لكن هذه أعتبرها خلطتي السحرية ، أتمنى لك أن تجد خلطتك السحرية أيضا.. بحيث لا تؤذى من التوقعات أبدا ! مهما كانت نسبها
نصيحة مثيرة جداً للأهتمام بل هي حقيقتاً نصيحة ممتازة (أشكرك عليها) لقد كنت أتعرض لمشاكل معينة (شبه مستمرة) ويمكن وصفها بكوارث أو مصائب تأتي جميعها في ذات الوقت فجأة وبون سابق إنذار ، ما يقلقني حقاً أن هذا أصبح متكرر بل اكتسب نمط في بعض الأحيان .. ففي كل مرة على سبيل المثال وليس الحصر عندما يحدث شيء جيد في حياتي أو مميز ما هي إلا ساعات أو أيام قليلة ويأتي بعدها كارثة أو مصيبة أو أكثر تلاحقني لتفسد علي سعادتي لدرجة بدأت أرى هذا قادم قبل أن يحدث وأترقبه وأصبحت بدها في حالة من التشاؤم والاكتئاب الذي لطالما يفسد علي لحظات الفرحة بسبب ترقبي المستمر بقصد أو بدون قصد لما قد يحدث وإستعدادي لتلك المصائب وكأن هذا شيء عادي ، ولكن كما أشرت أنت هذا أصبح مدمراً لأعصابي وحياتي ويستهلكني فبدأت بعدها بسلوك مختلف هو التظاهر أن لا شيء سيء سيحدث .. وقد أتى هذا بمفعوله لبعض الوقت .
الحيلة كلها في الموازنة بين التوقعات الجيدة والسيئة، أن لانعيش في كوكب زمردة ولا نبقى عالقين في كوكب أكشن.
الموازنة تعفينا من فرط التفكير في الأسوأ، ومن فرط الصدمة لحصول الأسوأ
يعجبني وصفك كثيراً وأضحكني كوكب زمرة وكوكب أكشن ، ولكن من باب العلم أن إن أخترت أن تفكر في الأسوأ ولكن هناك أفكار سيئة تسيطر عليك في عقلك الباطن حينها ببساطة ستنعكس تلك الأفكار حتى مع تجاهلها على جسدك بالسلب فستعاني بعض الأمراض النفسية أو الجسدية أو حتى الكوابيس (هذه قوة عقلك الباطن) لذا لا يعد التجاهل لمشاكل قد تقع بالضرورة هو الحل الأفضل أعتقد أنه الحل الأفضل في وجهة نظري بحكم التجربة والقراءات الكثيرة هي تغيير المناخ أو الروتين اليومي بأنشطة جديدة مثل التعلم لشيء جديد و الترحال وكسر الروتين المعتاد بأي تجربة جديدة أو مثيرة لأهتمامك هذا يجعلك تفكر بشكل مختلف وتنسى التركيز على تلك المشاكل دون تجاهلها لكن النصيحة الأهم هي تجديد علاقتك بالله والتوكل عليه و وضع ثقتك الكاملة في حكمته أو أبتلائه وحينها سيصبح كل شيء جيد ومميز
أعتقد أنك أحسنت إلى نفسك بعد ان توقفت عن هذا النمط من التفكير. لأن المصيبة ( لا قدر ) حينما تأتي تأتي ومعها التخفيف و اللطف. هنا لا يسعني إلا أن أتمثل الدين و وصاياه. فإن مع العسر يسر إن مع العسر يسر ولن يغلب عسر واحد يسرين أبداً. وكما سمعت من أحد العملاء الأفاضل أن الذي يخشى ويرتاب من وقوع مصيبة مستقبلية فهو يعيشها قبل أن تأتي ثم أنها قد لا تأتي فيعيش في هم دائم. هنا أذكر قصيدة إيليا أبو ماضي الذي يقول فيها لمن يخاف غداً ويعيشيه قبل أن يأتي:
أتزور روحك جنة فتفوتها....كيما تزورك بالظنون جهنم؟!
وترى الحقيقة هيكلأً متجسداً..... فتعافها لوساوس تتوهم؟
يا من تحن إلى غد في يومه...... قد بعت ما تدري بما لا تلعم؟!
أعتقد أن الحذر واجب ولكن سوء الظن كنمط تفكير لا يتفق والحياة السوية برأيي.
ذكرتيني بالحديث النبوي الشريف، وفي يقول رسول الله: " إِنَّ المَعُونَةَ تأتي مِنَ اللهِ على قدرِ المَؤُنَةِ ، و إِنَّ الصَّبْرَ يأتي مِنَ اللهِ على قدرِ البلاءِ"، أؤمن تمامًا أن رحمة الله واسعة وأنه سبحانه سيمنحنا الصبر في وقت حدوث المصائب، وأن التفكير الزائد في كل ما لم يحدث بعد أراه رمي للنفس في التهلكة واستنزاف للوقت الي يمكننا استغلاله في الإنجاز.
على الإنسان أن يعيش أيامه كما هي؛ أن يتعامل مع اللحظات بكل أشكالها دون مبالغة.
ما تتحدثين عنه يا ريم هو الترقّب الإيجابي الذي بفضلة يعيش الإنسان حالة من الانتظار التي تكون إيجابية وليست بدون فائدة. ولكن على الترقب أن يكون واقعيًّا إذ أنّ الأسوء قد يحصل وهو أمر ننساه في الكثير من الأحيان فنصاب بالصدمات والآلام. لذلك فإنّ الأفضل لنا والحق يقال أن نضع جميع الاحتمالات ولكن بشكل منطقي وبدون مبالغة. فالتوقّع الذي يكون واقعيا ومنطقيا لا يسبب صدمة لصاحبة وهو ما يجعله يستقبله بكل تحاب وتأهّل يكون أحيانًا الصبر في حالة حصول الأسوء.
ما أتحدث عنه بالضبط هو الموازنة بين التوقعات الإيجابية، والتوقعات السلبية، لاينبغي أن نكون أشخاصا حالمين، احتمالية أن يقع مانخشاه هي -100% !
ولا أشخاصا سلبيين، متأكدين تمام التأكد أن الحدث الشنيع سيحصل لا محال !
..
هنا يجب على المرء أن يعطي كل تفكير وكل توقع نسبتع المحددة التي لاتهلكه في حال وقع العكس.
التعليقات