الفلاحون في إيطاليا وبدلاً من ضرب الحمار لحثه على المشي ـ والذي قد لا يُحدِث أي تأثير بسبب قساوة رأس الحمار ـ قد اخترعوا خدعة: إذ يربطون على رأس الحمار عشباً طازجاً بحيث يراه الحمار أمام ناظريه؛ ليعتقد بأنه سيصل إليه ويواصل السير نحوه!

هذه الخدعة العقلية أوردها علي عزت بيجوڤيتش بكتابه "هروبي إلى الحرية"..

لكن تأملوا معي تلك الخدعة.. ألا يتم التلاعب بنا معظم الوقت بطريقة مشابهة لها.. مستغلين سذاجة البعض وتوقهم لتحقيق أهدافهم بأي ثمن، فيقومون بخداعهم وجعلهم يسيرون وفق رغبتهم ورؤيتهم الخاصة.. فسواء كان هدفنا النجاح بدراسة ما، أو جمع ثروة طائلة، أو تحسين حالتنا الصحية، أو تحقيق السعادة الأسرية، أو غيرها من الأحلام بتفاوت درجاتها، فسنجد دوما من يستغلون ذلك الهدف لإخضاعنا، والتلاعب بطريقة عيشنا؛ ليدفعوننا دفعا لتحقيق رغباتهم وأهدافهم الخاصة عبر أهدافنا الخاصة! حتى أن الحلم بدخول الجنة لم يسلم من تلك الخدعة، فترى البعض قد رسموا طريقا محددا، ويدَّعون بأنه لا طريق للجنة سواه، وبالتالي وجب على الجميع الإلتزام به ـ دون غيره ـ لتحقيق حلم بلوغ الجنة!!

وما أكثر الأمثلة بواقعنا.. فذلك مدير يستغل حلم موظفه بترقية أو علاوة، ويحمّله مالا يحتمل من مهام، موقنا من عدم رفضه لذلك الوضع في سبيل تحقيق حلمه!

أما المثال الأوضح فهو بعض الحملات التسويقية المخادعة، التي تستغل أحلام البعض بتجميل مظهرهم الخارجي ـ كالحصول على بنية جسدية "مثالية" مثلا ـ، أو تحسين وضعهم الصحي أوالنفسي، وتروح تروج لمنتجات لا علاقة لها بتحقيق ذلك، لكنهم يقنعون البعض كذبا أنها ستحقق لهم حلمهم الذي يسعون إليه!!... تقريبا لا يوجد أحد لم يقع بذلك الفخ التسويقي؛ فمن منا لم يشتري خدمة أو منتج ما، وفوجئ بعدها أنه لا يؤدي الغرض المرجو منه!

الآن وبصراحة، كم مرة تعرضتم لتلك الخدعة؟.. وما هي طرقكم لتفادي الوقوع بها مرة أخرى؟.. والأهم كيف نحمي أحلامنا من السطو عليها وإستغلالها؟!