عندما تُوصد كل الأبواب هل الإنتحار هو الحل ؟ كتاب رسائل ما قبل الإنتحار .

الانتحار كتصرف بشري هو تصرف بائس يأتي في أقصى لحظات اليأس من انفراج الأمور أو القدرة على تخطي بعض الصعاب التي تشكل عائقاً للإنسان عن استكمال حياته بشكل طبيعي.

وهو من الناحية الدينية يعرف بأنه يأس من رحمة الله وضعف في الإيمان به.

وهو وسوسة من الشيطان إذ يحاول إقناع الإنسان بأن الانتحار هو الوسيلة الوحيدة والسريعة والمريحة للخلاص من كل ابتلاءات الله وأقداره، ولا يعلم الإنسان المسكين أنه يفر من عذاب أصغر مؤقت إلى مصير مجهول ربما يحمل عذاباً عظيماً، واختلف في شأنه علماء الدين، فمنهم من قال بكفره وخلوده في نار جهنم والعياذ بالله، ومنهم من قال أنه مرتكب لكبيرة وإن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له.

وإنني حسب رأيي أرى الانتحار قراراً غبياً في المقام الأول، رغم تقديري الشديد لظروف المنتحر النفسية والمادية، ولكن أنت تعيش وتتنفس وتأكل وتشرب وتضرب في الأرض حسب ما قدره الله لك، لن تأخذ أكثر منه ولا أقل منه، ولن تعدل شيئاً في أقدار الله، ولكنك إن صبرت فستنال أجر الصابرين عند الله مهما طال العمر فهو قصير بالنسبة إلى دار الخلود، وإن سخطت فليس لك إلا السخط والتعرض لعذاب الله الشديد.

وإن الإنسان ليعيش وينسى، وهذا من نعم الله عليه، وإلا لما تحمل العيش يوماً واحداً..

يقول الكاتب الراحل د/ أحمد خالد توفيق :

"فكرت في الانتحار، ثم وجدت أنه من الأفضل تناول شطيرتين من عند عواد، مع كوب شاي بالنعناع، وفي الصباح سوف أنسى كل شيء، وهو ما حدث بالفعل!"

ربما ينظر البعض إلى من يقدم على إنهاء حياته بنوع من الشفقة من منطلق أنه شخص قد فقد حياته نتيجة فقد الأمل أو بعبارة أدق بسبب "اليأس" .

لكن من وجهة نظري أن من يستحق الشفقة الحقيقية هو المجتمع الذي سمح لهذا الشخص بالوصول لهذه الدرجة من اليأس حتى انهى حياته ، إن المجتمع و أعني بالمجتمع كل ما تحتمله الكلمة من معنى من معاني الدوائر الإجتماعية التي تحيط بالفرد قد قصرت في أداء وظيفتها في حياة هذا الفرد وتراكمت التقصيرات من كل تلك الدوائر حتى أودت بحياته .

إن إقدام الفرد على إنهاء حياته لا شك عمل مستقبح شرعاً و عقلاً و عرفاً ، و ما حرم الشرع شيئاً إلا لبيان فساده و خلوه مما يعود على المرء بالنفع في دينه و دنياه و ما قبح العقل فعلاً إلى لنقص في بعض جوانبه عن معاني الإنسانية و غياب المصلحة منه و ما تعارف الناس عليه سلفاً و خلفاً و اتفقوا على رفضه إلا لأنه لا يتسق مع الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها ,

من الناحية الإنسانية وبعيدا عن المجال الديني الذي يحسم في هذا الموضوع، الانتحار استسلام وضعف، كلما اشتدت مصائب الحياة كلما زادت رغبتي في معانقتها بآلامها وأفراحها. كما أن الانتحار هو مجرد خاطرة أو فكرة متسرعة لم تعامل بالتريث والحكمة اللازمة، وإلا ما كانت غريزة البقاء التي جبل الإنسان عليها لتسمح بذلك. الانسحاب هو أسهل ما يسع الانسان فعله، أصعب ما في الأمر هو أن تواجه الأمر الواقع. عندما توصد الأبواب، نصنع بابا لنا بمشيئة الله عزوجل.