الانتحار قرار يتم اتخاذه بثوانٍ –وإن كانت الفكرة تراود صاحبها منذ زمن-، يُهمل أية تبعات لاحقة قد تترتب على موته أو فشل موته -في حالة يأس ربما-، وكأنّ الموت هو طوق النجاة الوحيد الذي سيُخرج المنتحر من ظلمة حياته. 

فهل فكّرت يوماً بالانتحار؟ ما دافعك تجاه الإقدام عليه أو عدم ذلك؟؟

بحسب منظمة الصحة العالمية فإنّ أكثر من 700ألف شخص قاموا بالانتحار عام2019، بمعدل حالة انتحار لكلّ مائة وفاة.

متخصصون بدراسة الانتحار أشاروا إلى أنّ الظاهرة قد تنطلق من العِرق، والمناخ، ونوع الجنس، والمعتقدات، والاضطرابات العقلية والنفسية، والوراثة، في محاولة لتفسير ميل الفرد لإنهاء حياته بيده.

لكنّ قناعاتي بأنّ المجتمع سبب كلّ ظاهرة سلبية جعلت انتقاءاتي تكون لكتب تحليل السلوك من الناحية المجتمعية.

هناك دراسة للفرنسي إميل دوركهايم نشرها بعنوان قواعد المنهج السوسيولوجي وظاهرة الانتحار، ومنها لاحقاً طُبعت كتب بعنوان الانتحار لنفس الكاتب.

إميل دوركهايم درس الموضوع كحقيقة اجتماعية تقول بأنّ التغير في معدلات الانتحار يرجع إلى التغير في الحقائق الاجتماعية، واضعاً أربعة أنواع للانتحار:

  1. الانتحار الأناني: ويتجه الأفراد غير المندمجين في المجتمع للانتحار، ففي المجتمعات ضعيفة الترابط والمفككة تنشأ الأنانية غير المكبوحة بسبب الضجر والاستياء من عدم القدرة على إشباع كل الاحتياجات أو لأنّ الفرد يظن بأنه حرّ من كلّ القيود الاجتماعية، أما المجتمعات القوية والمندمجة تمنعه من منطلق حماية الإنسان من الرغبة في تحطيم الذات.
  2. الانتحار الإيثاري (الغيري): ويظهر في اندماج المجموعة قوي، فالفرد ينتحر لأنّ هذا واجبه تجاه قضية يؤمن بها ويدافع عنها، وفي بعض الطبعات للكتاب كان اسمه الانتحار اليائس بسبب سيطرة قناعات المجموعة على الفرد التي تجعله مضطراً للموت لأجل قضية.
  3. الانتحار اللامعياري (الفوضوي): في حالة الاضطراب يتوقف تأثير المجموعة وتضطرب ضوابط المجتمع، سواء كان الاضطراب إيجابياً كالانتعاش الاقتصادي أو سلبياً كالكساد الاقتصادي، لأنّ المجتمع في تلك الفترة يفتقد الإحساس بانعدام الجذور والمعايير.
  4. الانتحار القدري: ويظهر في المجتمعات القمعية، الأمر الذي جعل الناس يفضلون الموت على الاستمرار في العيش.

كيف نضع الحلول المجتمعية؟

يظن دوركهايم بأنّ الحلّ يكمن في (الاشتغال على تطوير الطبائع والقناعات) وخلق الاندماج الاجتماعي وتثبيت قيم تقديس الحياة، فالتربية من وجهة نظره ليست إلا انعكاساً للمجتمع ومحاكاة له.

بعيداً عن الاضطرابات العقلية والوراثية، كيف ترى أثر السلوك المجتمعي في تعزيز تلك الظاهرة من عدمها؟

وما رأيك بأنواع الانتحار التي وضعها دوركهايم؟