دائماً أنا مقتنع أن معايير النجاح في المجتمع تختلف على حسب التقدير المادي للناجحين، فمثلاً إن كان المجتمع يهتم بالأطباء والمدرسين وأصحاب الفكر الريادي فإن هذه النماذج ستكثر في المجتمع وسينكب الناس على الإجتهاد في تلك المجالات، لأنهم سيشعرون بالقيمة في المجتمع، وثانياً بسبب هذه الإستفادة المادية التي سيحصلون عليها، لكن ماذا لو كان هذا التقدير يذهب إلى التفهة والفاشلين؟! بإمكانك أن تتوقع خطورة الأمر، فحينها ستختل معايير النجاح بكل تأكيد وترى من يقول :

(لماذا تتعلم يا بني .. مغنيين المهرجانات كزبرة وحنجرة حالياً يكسبون في الشهر ما ستجنيه أنت طوال مسيرتك المهنية)

وترى من يخرج ابنه من المدرسة رغم تفوقه التعليمي ويلحقه بأكاديمية لكرة القدم ليكبر ويصير مثل محمد صلاح!

والتقدير المجتمعي الآن أصبح رقمياً ، يقاس باللايك والشير، فالسوشيال ميديا هي التي تقدم الناس إلى منصات (النجاح) الفاشلة، فيظهر تريند ويبزغ آخر وينتشهر هاشتاج ويتصدر غيره فيشتهر فاشل ويغتني مبتذل وتتصدر الشاشات أجساد بلا عقول يهرفون بما لا يعرفون، ويتبارون في الإبتذال ليبقوا على قيد التريند.

في كتابه: نظام التفاهة يقول د.آلان دونو:

"نجحت مواقع التواصل في "ترميز التافهين" كثير من تافهي السوشيال ميديا والفاشينستات يظهرون لنا بمظهر النجاح وهو أمر يسأل عنه المجتمع نفسه الذي دأب على التقليص التدريجي لصور النجاح التي تعرفها البشرية ككل، كالعمل الجاد والخير للأهل وحسن الخلق والتفوق في الأكاديميا والآداب والفنون، فألغاها جميعاً من قائمة معايير النجاح واختزلها في المال فقط"

وهذا هو واقع الحال للأسف الشديد، لذا أظن أنه لم يتبقى لنا سوى التعامل مع الوضع وعدم ترك الفرصة لما يحدث بالخارج أن يتسلل بداخلنا، وأن نضن بأنفسنا على الابتذال لأي غرض حتى وإن كان سيعود علينا فيما بعد بالنفع، وإلا سينتهي بنا المطاف إلى أن نترك التعليم ونعمل ڤيديوز نغني فيها (انتش واجري)

وأنت... كيف تتعامل مع وضع كهذا؟ وهل يصيبك بالإحباط أحياناً؟ وما هي توقعاتك في السنوات القادمة، هل ستستمر السوشيال ميديا في تصدير نماذج سيئة على أنها ناجحة؟