ألم نلاحظ أنه إذا أثير أي موضوع فكري أو فلسفي أو اجتماعي أو غير ذلك أن الأفكار تتباين كثيراً بين مؤيد ومعارض، وأن كل شخص يدلوا بدلوه عن كامل اقتناع بآرائه، لا شك أننا لاحظت ذلك كثيراً، ومما ألاحظه في مثل تلك المواقف ويجعلني أتعجب حين لا يأخذ الشخص وقتاً من التفكير ويطلق الحكم على هذا الفعل أو هذا الشخص وكأنه يحفظه عن ظهر قلب!

هذا ينقلنا لنقطة هامة، وهي من أين نستمد أفكارنا ومعتقداتنا، هل من نتاج عقلنا وتفكيرنا ونقدنا؟ أم حصلنا عليها في طفولتنا؟ ماذا عن الرأي المناقض هل جربنا أن نستمع إليه بعين ناقده بدون تعصب عله يكشف لنا شيئاً غائباً؟ أم أننا نرفض كل ما يختلف عنا لمجرد أنه مختلف عنا، دون أن يكون عندنا ردود أخرى منطقية بإمكاننا أن تقنع بها غيرنا

في روايته "باب الخروج" يضع عز الدين شكري فشير يده على تلك النقطة بالتحديد ألا وهي (الأفكار الموروثة والتي لم نفكر بها وأخذناها كما هي) فيقول:

لا تحمل على ظهرك أثقالاً من الوهم، أنزل ما تحمله على الأرض، ضع هذه الحقائب الثقيلة التي حملتها لك أمك او أبيك أو أي كان، ضع كل ما تحمله على الأرض وأبدأ من جديد، فكر بما تريد أن تأخذه معك في رحلتك ودع الباقي خلفك ليحمله أصحابه، لا تجرّ وراءك ما لا يجب أن تجرّه.

تخلينا عن الأفكار جملة واحدة وإلقاءها من على ظهرنا ليس معناه أن نكفر بها بالضرورة، ولكن معناه أن نكون حياديين في الحكم عليها بعيداً عن تعصبنا لما ورثناه من عائلاتنا و ومجتمعاتنا وثقافاتنا، أن نأخذ منها ما ينفعنا ونترك ما لم نقتنع به، حينها فقط ستكون تلك هي أفكارنا، نتاج عقلك وتحليلنا المنطقي وليس إرثاً ورثناه دون أن نعي أهو حقيقة أم سراب.

إن فكرة ترك كل شئ دفعة واحدة والبدء من جديد ليست شيئاً بسيطاً، ففيها مدافعة للنفس قوية، حيث أنك بطريقة ما تقتنع ان تلك أفكارك أنت وهذا لأنك لم تدرك بعد حقيقة مصدرها وطريقة حصولك عليها، والأمر يبدأ بالتدبر وإعمال العقل.

وتحضرني هنا مقولة قرأتها من قبل تقول: (استعمل عقلك إنه مجاني!)

ودعني هنا أسألك عزيزي القارئ : كيف تتعامل مع من يناقض أفكارك؟ وهل أنت مستعد لترك أفكارك والبدء من جديد بروح نقدية؟