نتوقّع من العائلة دائمًا أن تكون مصدر الدفء والأمان الأول في هذا العالم،

إلا أنها قد لا تكون كذلك أبدًا، وقد نجد بين الحيوانات معاملة للأبناء لا نجدها في البيت، كانت تجربة رهيبة حين قرأتُ رواية التحوّل للكاتب السوداوي فرانز كافكا،

في هذا العمل العجيب أعتقد أن كافكا كان يعكس صراعاته مع والده الذي كان يحتقره، ويُذيقه سوء العذاب والقسوة، وفكرة الحشرة العملاقة التي أصبح سامسا وقد وجد نفسه متحوّلًا إليها، يبدو أنها جاءت من أن والد كافكا كان ينعته بالطفيلي، والطفيلي هو كائن يعتاش من أجساد حية، يمتص دماؤها من دون أن يقضي عليها، واضح أن كافكا قد أخذ هذه الإستعارة، فتخيّل شخصية غريغور سامسا الذي ينقلب في الصباح إلى حشرة هائلة من الطفيليات، ما دام لا يستطيع الاستمرار في مزاولة عمله، وصار يخيف العائلة وانقلب نظام الأشياء، وبدأ الجميع يحتقره. 

إنّ ما آلمني حقًا وخلَب قلبي، هو أن سامسا المتحوّل إلى حشرة، لم يمت من الجوع، ولا من ضرب أبيه، بل من احتقار الجميع له ومحاولاتهم في التخلّي عنه، وسماعه للكلمات السيئة التي انطلقت من أفواه أقرب الناس إلى قلبه.

ما أفظع أن نكون عبئًا على من نحب!

أخبروني أيّها الصحاب: ماذا نفعل حينما نكون في مكان كافكا؟ 

ماذا نفعل حين نختبر أقسى المشاعر وأبشعها في بيوتنا وليس في الشارع؟