عند اطلاعي على مجموعة الأعمال الأدبية الفائزة بنوبل لفت انتباهي اسم معين هو "العمي" لجوزيه سارماجو وعندما فتحت صفحاتها فوجئت بقصة غريبة عن عالم يصاب الجميع فيه بالعمى. 

الجميع ماعدا شخصية واحدة هي زوجة أحد الشخصيات في القصة. نرى في القصة كيفية تعامل الأشخاص والحكومات مع ظاهرة غريبة منتشرة كهذه ولكن أشد ما لفت انتباهي أنه في ظل هذه الأزمة بدلًا من أن يصبح الناس أكثر أخلاقًا أصبحوا اسوأ خلقًا واستغلوا عجز بعضهم البعض رغم أنه عاجزون بنفس الدرجة.

كان العمى في البداية تدريجيًا فأول شخص أصيب به تم توصيله إلى منزله بسلام ولكن سرق الشخص الذي وصلته سيارته! وهي فرصة قد يستغلها العديد من أصحاب الأخلاق السيئة خاصة من أراحوا ضميرهم بفعل مساعدة الشخص.

ثم يبدأ الناس رويدًا رويدًا في فقدان البصر. وتخاف الحكومة لذلك تضعهم في ملاجئ مراقبة حتى لا يخرج الأمر عن السيطرة وهنا تبدأ رحلة العميان ومعهم المرأة المبصرة التي لا تخبرهم بإبصارها لاعتقادها أنها مسألة وقت ولكيلا تبتعد كثيرًا عن زوجها المصاب ومنها نسمع قصة الرحلة.

تذكرت قول الشاعر تميم البرغوثي "ليس العمى إلا ما نسميه". وهو يقابل تساؤل الكاتب هنا. هل نحن عميان قلبًا قبل أن نكون عميان البصر؟ وما الذي يمنع الجماهير من ارتكاب الجرائم؟ إن كان مجرد فقدان جماعي للبصر قد يؤدي لمثل هذه المهازل والفوضى.

هل كل الناس أشرار بداخلهم ولكن تمنعهم الفرصة عن ذلك؟ أعتقد أن جزء من هذا حقيقي وإلا فمن يرتكب الجرائم الجماعية؟

ولكن التعامل مع الناس من حولنا كأنهم قنابل موقوتة مشكلة أخرى أيضًا لأن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه وعليه أن يجد الثقة والأمان في مجتمعه لذلك أحيانًا علينا أن نتجاهل هذه الصفة في البشر ونتمنى ألا يتحول الأمر إلى فوضى في أي وقت قادم فالفوضى مكان جيد لنمو الجرائم.

وإذن أتعتقدون حقًا أن العجز يجعلنا أشخاصًا أسوأ؟ وكيف تعتقدون أن مجتمعكم سيتصرف إن حدثت ظاهرة كهذه؟