لا شك أن الباحث عن السطوة لن تقف في طريقه الأخلاقيات، لكن هناك أشياء تتجاوز حدود المعقول بكثير، من هذه الأشياء هي سرقة جهود الآخرين ونسبتها للنفس، ومن أنواع هذه السرقة المنتشرة منذ زمن بالفعل، سرقة الأفكار والاختراعات. فيستغل شخص أفكار آخرين التي ساعدته ثم ينسبها إلى نفسه.
عند قراءتي لكتاب قواعد السطوة لروبرت غرين، استوقفتني القاعدة السابعة من قواعد السطوة:
استخدم حكمة ومعرفة الآخرين وسعيهم لتقصي الحقائق لتحقيق أهدافك ومآربك.
ثم يقول: وسرعان ما يتم نسيان من ساعدوك وتبقى أنت وحدك في الذاكرة. لا تفعل بنفسك ما يمكن أن يفعله الآخرون لك.
لكن ما مدى إنسانية هذا الكلام؟ وهل يمكن لإنسان أن يصل إلى هذه الدرجة من الاستغلال؟.
يستشهد جرين بحادثة قديمة نوعا ما عن عالم صربي شاب اسمه نيقولا تسلا، كان يعمل لدى شركة إديسون عبر القارات بالفرع الأوروبي، وبعد توصية من صديق له ذهب إلى أميركا، وهناك تعرف عليه إديسون وعينه فورا بناء على تزكية من هذا الصديق، وكلف إديسون بتطوير مولد كهرباء شركة إديسون البدائي، وبعد محاولات كثيرة أيقن أنه يجب أن يعاد تصميمه، لكن هذا العمل مكلف جدا للوقت، فوعده إديسون بمبلغ مالي ضخم إذا أمكنه فعل ذلك في وقت قصير، وعندها أخذ تسلا يعمل ليل نهار ممنيا النفس بهذه المكافأة، والعمل الذي قدر بست سنين للانتهاء، انتهي في عام واحد. يبدو أنه للمال سحره الخاص حتى على العقول والعلماء، لعل يختلف البعض معي أو يتفق!
عمومًا بعد أن انتهى تسلا من هذا العمل الضخم أسرع إلى إديسون كي يعطيه مكافأته، لكن إديسون لم يعطي تسلا ما وعده به واكتفى بترقية بسيطة وقال له: أنت لم تفهم بعد الدعابة الأمريكية.
وحاول إديسون بعدها تدمير تسلا نفسه كي ينسب له الفضل، ورفض دعم أبحاثه عن التيار المتردد، فذهب إلى قطب الصناعة الآخر حورج وستنجهاوس، فدعم أبحاثه ووعده بنسبة مما تستفيده شركته من هذا الاختراع، لكن بعد مدة تراجع عن هذا القرار واشترى حق الاختراع بمبلغ كبير من المال، لكنه أقل بكثير مما يستحقه تسلا من النسبة. كيف ترون بيع العلماء لنتاج عقولهم بالمال؟
بعد مدة نسي الناس تسلا ونسبوا معظم اختراعاته لإيديسون ووستجهاوس. هكذا استطاع الإثنان السيطرة على عقل تسلا واختراعاته والسطوة عليهم. حتى صار تسلا في النهاية فقيرا لا يملك شيئا، فقد أنفق كل شئ في سبيل أبحاثه بعد ذلك والتي نسبت إلى أناس آخرين. ما رأيكم في شخصية تسلا السلبية؟.
وأيضا ينسب الكثير اختراع الراديو إلى ماركوني مع أن الفضل الكامل فيه لأبحاث مسجلة باسم تسلا.
وبعد مدة أرادوا تكريمه فأرادوا إعطاءه ميدالية إديسون من الجمعية الأميركية لمهندسي الإلكترونيات، فرفض وقال: تزينون جسدي بها وتتركونه يموت جوعا!.
هكذا استطاع الكثير من هؤلاء عن طريق استغلال خبرات وقدرات الآخرين من الحصول على هالة إعجازية ونسب اختراعات كثيرة إليهم والفضل ليس لهم، إضافة للمكاسب المادية التي حصلوا عليها.
والآن أخبروني.. ما رأيكم في قاعدة السطوة لروبرت غرين؟
التعليقات