في قريتي نشأ حريقٌ كبير في أحد مخازن المواد الغذائية، وكان صاحبُ ذلك المخزن من أغنياء البلدة، وكانت البضاعة التي في المخزن تقدر بملايين الجنيهات، وكان ذلك هو كل رأس ماله او معظمه، فاضطر الرجل لبيع كل شئ حتى يسدد ديونه، حتى اضطر لأنه باع بيته وأصبح هو وأسرته بلا مأوى، فترك البلدة وذهب، وبعد عامين اثنين، عاد إلى القرية وكان أكثر ثراءاً من السابق!
تسائلت حينها هل كان ذلك الرجلُ محظوظاً أم أنه قد يكون للأمر سبب آخر أكثر منطقية؟
في الواقع جاء الجواب شافياً لتساؤلي حين قرأت "الأب الغني والأب الفقير" ذلك الكتاب العظيم للمؤلف العبقري "روبرت كيوساكي" والذي يتحدث فيه عن المال والثروة والطريق إلى الثراء.
في كتابه "الأب الغني والأب الفقير"، أوضح روبرت كيوساكي فكرة هامة وهي، أن الغنى "فكر" والفقر "فكر"، وأن هناك أشخاص بعقلية تؤهلهم لأن يصبحوا أغنياء وآخرون عقليتهم لا تسمح لهم سوى أن يعيشوا حياة الفقراء.
بالتأكيد هذا لا علاقة له بحجم المال الذي يمتلكونه، فإن ملك ذو العقلية الفقيرة مليار دولار سيخسر ذلك المال أو سيستثمره بطريقة خاطئة، أما عن ذو العقلية الغنية فهو دائماً يمشي في طريق الثراء ولو لم يكن يملك من المال الكثير، فإدارته للمال ونظرته إليه والطريقة التي يفكر بها لجني المال تمكنه من تجميع الثروة ومضاعفتها بسهولة وسلاسة. فهو "يطوِّع عقله" ويستثمر جهده.
فمثلاً لو كان صاحب ذلك المتجر المحروق من الأشخاص ذو العقلية الفقيرة هل كان سيسترجع ثروته وأكثر بعدما ضاعت منه في ذلك الحريق! هل كانت صدفة او حظ حين رجع لحياة الأثرياء مرة أخرى بعد وقت قليل بعدما خسر كل شئ حتى بيته، أم أن الأمر له علاقة بطريقة التفكير والعقلية؟
أثناء مطالعتي لأفكار الكتاب كنت متحمساً جدا وأكثر إنصاتاً من أي وقت مضى وأنا أطالعه، حيث أوضح كيوساكي في مقدمة الكتاب أن العقلية الفقيرة بالرغم من أنها تسير في طريق الفقر إلا أنها ليست بفاشلة، بل بالعكس، قد تكونُ ناجحة جدا في دراستها.
روبرت كيوساكي ضرب لنا مثالين لشخصين وقال أنه كان يملك قريببين، الأول كان معه دكتوراه في دراسته ويعمل موظف وناجح في عمله والآخر لم يكمل صفه الثامن ولكنه عمل ونجح في عمله، الأول كان يرى أن التعليم الأكاديمي الجامعي هو التعليم الأهم وهو كافٍ جدا لمواجهة الحياة، والآخر لم يكن متعلماً تعليماً عالياً، وكان يرى ان التعليم المدرسي مهم، ولكنه أوضح شيئاً إضافياً وهو "تعليم الحياة"! وهو التجارب والمجازفات والمواقف التي يتعلم منها الإنسان في حياته وتكسبه الحكمة والخبرة وتثقله من خلال التجارب،
يقول كيوساكي أن الأول ترك عائلته بديون كثيرة لا بد أن تسددها، والثاني ترك لعائلته إرثاً عظيماً ومشاريع ومصانع كثيرة! و لفت ذلك نظره إلى شئٍ هام، أن الأول فتح الباب لتفكيره ليستوعب دروس العالم التي هي بالطبع الطريق إلى الثراء أما الآخر فقد أغلق الباب واكتفى بفكرة التعليم المدرسي.
وسؤالي هنا، ما هي نظرتك للأشخاص الأغنياء الغير متعلمين؟ وأيهما أهم، التعليم الذاتي الذي يصنع الثراء أم التعليم المدرسي الذي يقودك إلى الوظيفة؟
التعليقات