كم من حبيبٍ لقى حتفهُ في الهوى، وكم من آخرٍ عاش بهِ دهرًا حتى ارتوى ...

تخيل أننا نمتلك كلّ مقومات الحياة السعيدة، ولكننا لا نمتلك ذاك المدعوّ بالحب! هل سنكون على ما يرام يا ترى؟

خلال قراءتي لرواية جنون كامل الدسم للكاتبة  سارة جوهر، أدركت كم أنّ الحب أمر مهم لنا ولقلوبنا وحتى أعمالنا التي تزدهر عندما نكون مع من نحب، في الرواية تقُص الكاتبة حكاية وليد الشاب الذي كان يعاني من بُعد محبوبته عنه وعدم إلتفاتها له أصلًا حتى وقعت في مأزق ولم تجد غير وليد سندًا لها وعونًا على تخطي الأمر، وكان وصف الكاتبة لمعاناة من يحبون من طرفٍ واحد وصفًا حادًا وجارح، فعندما طلبت ميرال من وليد المساعدة (ميرال هي الفتاة التي يحبها وليد)

لم يصدق الأمر، وقام بصفع نفسه للتأكد من أنه لا يحلم، وكأنه يرى إستحالة تحقق الحب في قلبها كما تحقق في قلبهِ هو، وركض مسرعًا لكي يلبي طلبها مع أنهُ يعلم أنها لا تحبه، ومع هذا فقد إستضافها في منزله بسبب وفاة والدها وظلم والدتها عليها وعاملها أحسن معاملة، وانتظر شفائها وكان يخافُ عليها وكأنهُ والدها، يطعمها، ويسقيها، ويحضر لها الدواء، وهذا ما لم تجده مع غيره، فحتى عائلتها كانت ترى أنها فتاة عابثة وغير موثوق بها، ولكن وليد كان يراها أفضل فتاة على وجه الأرض، مع أنه رأى جميع أخطائها إلا أنه صار يزيد في حبها بعد أن غرق في تفاصيل حياتها الجنونية! والآن هل يُعقل أن يُعاقب الشخص بالجفاء وعدم الإهتمام لأنه أحب بقلبٍ صادق؟

أعجبتني إضافة الكاتبة لجملة مُعبّرة لحال وليد العاشق المُولع بتفاصيل ميرال ذات الحياة الفوضوية من كتابة رضوى عاشور، والتي وضحت فيها أماني العاشقين لنيل قلوب من يحبون، وشعورهم بالظلام الدامس يغطي قلوبهم عند بُعد أحبائهم عن أنظارهم "ما الخطأ في أن يتعلق الغريق بلوح خشب أو عود أو قشة؟ ما الجرم في أن يصنع لنفسه قنديلًا مزججًا ملونًا لكي يتحمل عتمة أيامه؟ ما الخطأ في أن يتطلع إلى يوم جديد آملًا مستبشرًا؟!". بالطبع لا مشكلة ..!

ولكن ماذا عن واقعنا الآن، أيعقل أن هناكَ أمثالًا لوليد على أرضنا؟ يُحبّون بصدق، ويهتمون لأبسط التفاصيل في حياة من يحبون، وتلفتهم أصغر التغيرات؟

برأيي فإن الحبَّ باقٍ إلى يومنا هذا، حتى ولو كان الذين يدّعونه ويحطمون مشاعر غيرهم تحت مُسماه عددهم كبير جدًا، ولكنني واثقة أنّ الصادقين ذوي القلوب البيضاء موجودين بالطبع، لأن الحبّ باقٍ، فالحبُّ لا يموت وإنما ينتقل من شخصٍ لآخر!!

وأنتم كيف ستجدون الحياة لو اختفى الحب منها؟