"إنك تكترث لكلّ شئ، وهذا ما يجعلك أتعس الناس!!" هذا ما كرّره البطل لنفسه مراراً في (حلم رجل مضحك) للأديب الروسي (فيودور دوستويفسكي)، قصة لم تتجاوز 22صفحة لكنها تضمّ في كلّ صفحاتها رسالة!، -أنصحكم بقراءتها إن لم تكونوا فعلتم-.

حلمُ رجلٍ مضحك!، هو ذلك الحلم الذي باغَت رجلاً قرّر الانتحار،  لماذا قرر الانتحار؟؟ 

لأنه كما يقول دوستويفسكي: لقد بلغت حياته من الانعزال والانطواء على النفس أنه يخشى لقاء أي انسان، وببساطة أكثر شرحها بطل القصة: أنا رجلٌ مضحك، وهم ينعتونني بالمجنون، كان من شأن هذا النعت أن يكونَ رفعاً من قَدْري لو أنهم تراجعوا عن اعتباري مضحكاً، ....، شديد الحزن لأني أراهم يجهلونَ الحقيقة؛ بينما أعرفُها أنا، ما أصعب الأمر على من يعرف الحقيقة وحده!.

ليصل لمرحلة قال فيها: وقد بلغت من شدة عدم إكتراثي أني تمنيت في النهاية أن أقبض على دقيقة واحدة أحس فيها أن هنالك ما يستحق الاهتمام،...، وعند ذلك أصبحتُ فجأة لا أغضب من الناس، بل ما عدت ألاحظ وجودهم.

وهنا توقفت متسائلة، حقاً دوستويفسكي؟ هل نفقد الاهتمام بالمحيط فقط في حال كنا تعساء وفقدنا الرغبة بالحياة؟

ويكمل أنه وفي تلك الليلة الشتائية الباردة حيث قرّر أن يموت تستجديه طفلة صغيرة لإنقاذ أمها، فيتخلص منها بقسوة عائداً لبيته. يجلس على مقعده والمسدس أمامه، يتراءى له وجه الطفلة الباكي، وحذائها المثقوب، وارتعاشة البرد على جسدها والخوف من فقدان والدتها، ليتألم ويعاتبه ضميره، فيشجع نفسه بأنه سيموت مما يعني بأنه سيكون أقلّ اهتماماً بالحياة.

يجعلني دوستويفسكي مجدداً أتسائل باستغراب، هل نفقد إنسانيتنا لأننا فقط نموت؟

حينها يغفو فيرى نفسه في الحلم منتحراً، وينتقل لعالم آخر كلّ مَن فيه سعداء، صادقون، وبريئون، وحيث يمضي معهم السنين الطويلة يجد أنه قد لوّث عقولهم وعلّمهم الكذب والحسد فيقول: عندما أصبحوا أشراراً أخذوا يتحدّثونَ عن الأخوّة والإنسانيّة، وعندما أصبحوا مجرمين اخترعوا العدالة.

وكأنه يقول بأنّ البشرية حين فقدت إنسانيتها حاولت العودة لفطرتها، أم أنني مخطئة في الاستنتاج؟

ويبدأ بطلنا بمحاولة إعادة الضمير لهم، فيرفضون محاولاته وحين يهددوه بأنهم سيعتبرونه مجنوناً يستيقظ، ليولد من جديد حيث آمَن حينها أنّ عليه رفض فكرة أنّ الوعي بالحياة فوق الحياة نفسها وأن معرفة قوانين السعادة أعلى درجات السعادة، كيف يكون ذلك؟

 

الرسائل في القصة مثيرة للاستفسارات لدي، فما الذي لفت انتباهكم حولها؟

وماذا تظنون فيما دونته كملاحظات أناقش عقولكم بها؟؟