معرفة فن التأثير على مخيلة الجماهير تعني معرفة فن حكمها.
الحدث الأكثر بساطة يتحول لحدث آخر مشوّه بمجرد أن يراه الجمهور.
إنّ الشئ الذي يهيمن على روح الجماهير ليس الحاجة للحرية وإنما للعبودية، ذلك أنّ ظمأها للطاعة يجعلها تخضع لمن يعلن أنه زعيمها.
دون تقاليد ثابتة لا يمكن تواجد الحضارة، وبدون التدريجية لإزالة هذه التقاليد لا يحدث التقدّم.

هذه جزء من الرسائل التي تضمنها كتاب سيكولوجية الجماهير للكاتب غوستاف لو بون والذي كتبه منذ ما يزيد عن 150عاماً، رسائل بكتاب تطرح العديد من التساؤلات، أضعها بين أيديكم لتطرحوا آرائكم حولها:

يبدو الكتاب كأنه بوصلة لصناعة القائد وإدارك مواطن الاستحواذ على الآخرين، وبأنه أداة جيدة لمن يستخدم قوّة التأثير لإجابته على عدد من الاستفسارات مثل كيف تتهيج الأفراد؟ وتكوين الجماعات؟ وأسباب اتفاق الجموع على هدف واحد؟ ودور القائد وتأثيره؟ ومقدار الوعي الذي تعرفه الجماهير؟، فأتسائل هل فهم محتوى الكتاب يخدم القائد في إدارة فريقه؟ أو الشركات الكبرى في السيطرة على الأسواق؟ أم أنّ القواعد تختلف؟، خاصة وأنّ هذا يأتي الكتاب دارساً سيكولوجية المجموعات، ويظن لو بون بأنّ العصر الحديث يمثّل فترة انتقالية وفوضوية ليس من السهل التنبؤ بما سيتولد عنها مستقبلًا.

 لو بون يرى بأنّ بناء أي حضارة يتطلب نظاماً وقواعد مُحددين، واستشرافاً للمستقبل، وأنّ هذه العوامل غير متوافرة لدى الجماهير لأنها تستخدم القوّة التدميرية، مما يتطلب فهم طريقة تفكير الجمهور والدخول لأعماقهم ومخاوفهم، حيث أن المتغيرات التي تطرأ على الفرد المنخرط في الجمهور مشابهة تماماً لتلك التي يتعرض لها الإنسان أثناء التنويم المغناطيسي.

ليس هذا فقط فهو يعتقد بأنّ الخصائص النفسية للجمهور تتشكّل في تلاشِي الشخصية الواعية، وهيمنة الشخصية اللاواعية، فيصبح الإنسان كالآلة لا تقوده إرادته، لأنّ الجمهور يكون بمرتبة أدنى من الإنسان منفرداً فيما يخص الناحية العقلية والفكرية.

لم أفهم صدقاً كيف أنه لا يمكن تحريك الجماهير والتأثير عليها إلا بواسطة العواطف المتطرّفة والشعارات العنيفة؟، فهل يمكنكم ذلك؟ وكذلك التكرار دون إثبات أي شيء عن طريق المحاججة العقلانية، فهو لا يعرف إلا العواطف البسيطة والمتطرفة، إن الدعاية ذات أساس لا عقلاني، ولها أداة للعمل تتمثل بالتحريض، فالجماهير في نظر لو بون لا تعقل، بسبب انخفاض الطاقة على التفكير.

ما رأيكم في كلّ ما سبق؟، هل حقاً لا يتوافر للجماهير ما يجعلها مستشرفة على المستقبل لأنها تستخدم القوة التدميرية؟، وبأنّ ما يهيمن عليها ليس الحاجة للحرية وإنما للعبودية لذلك تخضع لمن يعلن أنه زعيمها؟