طفلة تعج بالحيوية .. فتاة تشعّ أملاً .. امرأة لا شيء يكسرها .. أنثى مختلفة عن كل البشر ، لا تتبع عقيدتهم و لا تكبّل نفسها بقيودهم ، عن مريم أتحدث .. ليست مريم فقط بل كل مريم أخرى .. كل أنثى تمرّدت على واقعها و اختارت كيانها و كينونتها ، مريم التي دوّنت كل ما أحدث تغييراً في اتجاه حياتها و ساهم في صقل شخصيتها في مذكرات تنشرها لكل فتاة و امرأة ، لا تكوني مريم التي كنتها و لكن كوني مريم أخرى بقوتها و شخصيتها و تمرّدها و لمعانها ، لا تكوني مريم كما أرادها المجتمع و الناس .

كتاب مسنة في عقدها العشرين للكاتبة لجين محمد شوشة ، كتاب تروي فيه على لسان مريم ، قصة كل فتاة تمرّدت على نفسها لتسلك طريقاً يمتاز بالنور ، استعرضت كيف أثرت في تكوينها مواقف قد تكون صغيرة ، لا يلقي لها أحد بالاً و لكنها كانت الحد الفاصل بين أن تكون مريم التي وصلت إليها أو مريم أخرى لا تشبهها .

تقول لجين على لسان مريم :

"الإرتباط يأتي ليكمل الطرفين ، لا ليلغي أحدهما أو ليموت طرف من أجل الآخر أو لأن يُظهر الفتاة في أعين المجتمع"

تعبر هنا ممتعضة عن تلك النظرة الدونية للفتاة التي لم تتوج حياتها بالدخول في قفص الزوجية ، و كأن الزواج علامة على نجاحها في أن تكون فرداً له وجود في المجتمع ، و إن لم تتزوج في الفترة العمرية التي حددها لها المجتمع فهي "عانس" و هذه الكلمة توازي لديهم كلمة "فاشلة" !

ثم تعود بعد ذلك لتوجه نصيحة ودودة لكل فتاة مقبلة على الزواج .. أن تختار ذلك الرجل الذي تستمدّ منه القوة ، أن لا تقبل الإرتباط برجل يسعى لإلغاء وجودها على الدوام ، بأن يعطّل سعيها و يهدم أحلامها و أهدافها ، بل تختار بحكمة رجلاً يعينها على ما تسعى إليه ، و يزودها بمخزون كافٍ من الدعم و القوة .

..

"المرأة القوية هي سلاحك في ألم الحياة ، خف إذا تداريت تحت وشاح هشّ"

تقول مريم أن على الرجل ألاّ يخاف الإرتباط بامرأة قوية ، تعرف أهميتها في هذه الحياة ، لأنه ربما قد يحلّ عليك يومٌ يحاصره الضياع من كل جانب ، فيتخبطّ كطفل أضاع أمه في الزحام باحثاً عن ملجأ أو وطن .. ستكون تلك المرأة هي سنده ، و ملجؤه و موطنه الذي يبحث عنه فهذه أمور تصيب الذكر و الأنثى كحد سواء .

و هنا نأتي إلى نقطة نسبة البكاء و الضعف إلى الإناث و استثناء الذكور منها ، فلما بكى الولد في أول يوم دراسي له أمام مريم ، قامت أمه بتوبيخه بقول : "ألا ترى هذه الفتاة لا تبكي و أنت أيها الرجل الأحمق تذرف الدموع" ، و كأن الدموع صفة خاصة بالإناث دوناً عن غيرهم !

في نهاية الموضوع .. أعجبت كثيراً بأسلوب الكاتبة الذي لامسني كثيراً ، و شعرت خلال قرائتي للرواية كأن صديقة حميمة تخاطبني و ليس كاتبة أقرأ لها ، و أستطيع الجزم بأن كل فتاة تقرأ مشاعر و أفكار هذا الكتاب سيلامسها و يربّت بلطف عليها .. لجين كاتبة شابة و هي أصغر كاتبة في القدس كما تسمي نفسها ، أصدرت كتابها هذا و هي بعمر الثامنة عشر فقط ، هذا ما جعل مهمة وصول كلماتها إلى قلبي أسهل و هوالأمر الذي جعلني أكنّ لها كمّاً من الفخر و العجب و التشجيع على استكمال دربها و أرى أنها ستلمع قريباً بين الأدباء و الروائيين .

لكل أنثى تقرأ موضوعي هذا أحب أن أشكرك على وجودكِ في هذا العالم ، و المناقشة اليوم مفتوحة لتبدي رأيكِ فيما طرحته الكاتبة من أفكار نقلتها إليكم .

أما أنتَ سيدي فلا نغفل رأيك أيضاً .. فهل توافق الكاتبة فيما ذكرته و ما رأيك في الزواج من امرأة قوية و مستقلة بذاتها و لماذا يخشى بعض الرجال من ذلك ؟