للمكتبة عطرٌ فريدٌ في حياتي، أتذكرُ أنّه كان في بيتنا مكتبةٌ لكتب الهندسة والفيزياء وهو مجال دراسة والدي، كانت مكتبةً وحيدة، وكنتُ أحبّ الشعر والأدب، فما فتئتُ أزاحم مكتبته بكتبي الخاصّة، حتى نظر لي يوماً وقال لي:آلاء : أفرغي المكتبة من كتب الهندسة وضعي كتب الأدب بدلاً عنها 

تلك اللحظة كانت فارقاً كبيراً في حياتي، علمتُ كيف يغدو الأب هبة الله عز وجل لنا وهو يحقق أحلامنا حين يشدّ على يد ابنته لتمضي قدماً .

ذلك الأمر جعل للكتب في حياتي قدراً عظيماً، فوالدي ضحّى بمكانه في المكتبة من أجل ابنته التي لم تتجاوز الخامسة عشرة، لذلك أحبّ أن أصنع ذلك الحبّ لطلّابي، ولو لم يجد أبي في اقتنائي للكتب محبةً وشغفاً لم يعطني مكاناً لها ، أحاول دائماً أن أقول لطلابي يجب أن تصنع مكتبتك الخاصّة، فهي طريقك إليك، هذه المكتبة هي من ستصنع تاريخك الوجوديّ، ستقرأ بدايةً ثم ستكتبُ وتكتب وتكتب، لتصبحَ إنساناً عظيماً وصاحب أثر، لا أن تكون عابراً إذا حضر لم يُلحَظ حضوره، وإذا غاب لم يُلحَظ غيابه

دائماً أقول لهم:" الكتاب وحده من يجعل طريقكم مليئاً بالنور، إذا حضرتم كان لكم هيبة ومكانة وإذا غبتم افتقدكم النّاس ، عليكم أن تكونوا كذلك دائماً "

كمعلمة أحبّ أن أوظّف المكتبة كثيراً في دروسي، إذا كانت الحصة عن نصٍّ شعري، فعلينا أن نعود للمكتبة حتى نتعرف على الشاعر أكثر ونقترب من تفاصيل حياته، فلا يغدو مجرّد اسمٍ مذكورٍ في الكتاب ، بل نعيش سيرته الذاتية ومحطات حياته ونتعلم منها ، فكل شاعرٍ هو ثائر !

لتصبح المكتبة قريبةً من الطالب، أحيلهم كثيراً إلى المكتبات الالكترونية، لكي لا يكون الوقت عائقاً أمام الحصول على كتابٍ معيّن، والانترنت يزخر بكثيرٍ من المكتبات الجيّدة

إذا أرادَ المعلمُ أن يشعلَ شمعةً في قلب طالبٍٍ منطفئ ، عليه أن يهديهُ كتاباً 

وماذا عنك ؟ هل امتلكتَ مكتبةً خاصّةً في صغرك أو ربّما سطوت على مكتبة والدك مثلي ؟ أخبرنا تجربتك