للحب نسمات كما نسمات الربيع الساحرة ،،

كانت هاربتا من رتابة الحياة و ضغط فترة المراجعة ،،، فتاة في اوج المراهقة ،،، اتخذت من جوار البحر مقعدا تتوهم انه يصغي الي شكواها و يمسح ذاكرتها القاسية ،،،،

كيف لها ان تنسى ذاك الوجه ،، اول من شد انتباها عند دخولها القاعة ،،، كان يجلس في المقعد الرابع من الجانب الايمن ،،، يحيط به جمع من الرفاق و كأنه قائدهم ،،، كان الجميع يضحك بطريقة مزعجة الي انه يكتفي بتلك الابتسامة الغامضة ،، تضفي على صاحبها وقارا ساحر ،،كأنه يفوق سنه بمراحل كيف له ان يحافظ على ذالك الهدوء وسط كل ما يحيط به من صخب ،،، للحظة انتبهت انه يراقبها بفضول لافت ،،،،

فاكتسحها الخجل وتوردت وجنتاها ثم انصرفت ترتب ارتباكها ،،، قاطعتها رفيقتها بطرافتها المعهودة ،،، ،ما الذي اصابك لما يبدو عليك ذهول وجهك يثير السخرية ،،

اخذت ترتب بعض الكلمات وقالت ،،لست بل ،يبدو ان ،، بعض ،، اقصد ال ،،

_هل اختل توازن عقلك عزيزتي ام انها حمى الربيع ،،،

_لا بل ازعجتني الضوضاء ،،وصرفت نظرها عن صديقتها مدركتا انها لم تصدق كلامها .

_ هذا رائع لقد حظر الأستاذ سيعود توازنك خلال الحصة هههههه

توقفي عن هذا ايتها المزعجة _

_ عفوا  هل  خاطبتني ،،، 

تشعر بالخجل ذالك الرجل اعتقد انني احدثه عذرا لم اقصد انا فقط ،،،

_ يبدو ان الذاكرة قد سرقت منك بعض الوقت ،،

كان رجل في اربعين ربما اكبر تبدو عليه علامات الرقي الاجتماعي تخلل شعره لون فضي كان يحمل صنارة صيد قالت

اعتذر لم اشعر بوجودك _

_لا يهم لقد كنت اراقبك منذ جلست لكن لا افهم لماذا تحملين كل هذا الالم رغم صغر سنك ،،،

_ كيف عرفت كل هذا بمجرد المراقبة ،،،

_ لا تسألي كثيرا بعض الإجابات لا تشفينا بل تزيد من تعقيداتنا ،،،

_انت حقا رجل غريب

_ جميلة هي الغرابة ،،، لكن ما لغريب

_ لا ارى انك اصطدت شىء ،،

_ لأنني لست صيادا انا هاوي اتفنن في اكتشاف الاعماق ،،، في كل مرة اكتشف نوع جديدة من الاسماك ،،،

ولكن ما الفائدة _

لا اعلم كذالك تسول لي نفسي ما احتفظ به فقط مجرد صور وملاحظات تافهة ،،، اعلم ما تفكرين به تقولين ،، مجنون

_لا لست كذالك ربما لم افهم غايتك من هذه الهواية ولكن يبدو عليك الرقي و الاحترام ،،

_شكرا من حسن صفاتك ،،،

هل تمانعين ان تهتمي بأغراضي الي حين عودتي ،،،

_ لا مشكلة ،،

انه رجل لطف تذكرها تلك اللطافة بذالك اليوم ،،،

كانت جالسة في قاعة الشاي المجاورة للمعهد حيث يقضي التلاميذ ساعات الفراغ تنتظر قدوم احلام التي كانت في موعد مع رفيقها عمر ،، تستغل ذالك الوقت في قراءة رواية حلم رجل مضحك للكاتب

( دوستويفسكسي فيودور )

قاطعها ذالك الصوت ،،،

( اعتذر نيابتا عن ذالك الاحمق الذي ازعجك ،،، لقد قمت بتأنيبه كثيرا ،،، )

_لا لم انزعج ابدا ، لقد كان يمزح رغم انني لا افضل ذالك النوع من المزاح لكن لا مشكلة ،،

_ اعدك ان ذالك لن يتكرر ابدا

_ يبدو ان اتبعك لا يرفضون لك طلب

_ هل ترين اني زعيم عصابة ،،،

_ هكذا تبدو احيانا ،،، اعتذر على الوصف ،،

_ جميل ان تجالسي كتابا في قاعة شاي ،، ولكنني افضل الحديث هل ازعجك ،

_اطلاقا ،،كنت على وشك اتمام الصفحة الاخيرة من الكتاب ،،

_ حلم ،

___ماذا قلت

_حلم وما هو الحلم وهل حياتنا اكثر من حلم ،،

_ جميل ان نتشارك في اختياراتنا

_انت اجمل قد تستغربين تسرعي وتلقائيتي في الحديث ولكنني تعلمت ان استغل الوقت احسن استغلال ،،، اعيش اللحظات بكل تفاصيلها و جمالها وكأنني فقط احياها دون غيرها ،،،، انت التي انجذبت اليها من اول ارتباك اصابك ،، لا اصدق الصدف فكل ما يحدث لنا القدر ،،، لم يسبق لنا الحديث ولكن رسائل العين ابلغ ،،، احببتك دون مقدمات فقط ارغب ان تكوني نهايتي و بك اكتفي ،،،

_تفضلي احضرت لك شطيرة جبن و كوب عصير هل غادرتي مجددا ،،

استفاقت من غفوتها مرة اخرى و انهارت باكية

_لماذا البكاء ما الذي ازعجك من تصرفي اردت فقط ان اشاركك في الغداء ام انك لا تحبين الشطائر،

تنفجر ضاحكة

_لا لم اقصد ، شكرا انا احب الشطائر

_كنت اعتقد انني الوحيد المجنون في هاذا العالم يبدو انني عثرت على رفيقة درب الم تحاولي اصطياد سمكة اثناء غيابي ،،

_ لا فأنا لا اجيد ،،،

_انت لم تحاولي ،،، ما نفتقده في الحياة ليس المهارة بل المبادرة و الإرادة ،، ولن يعجزنا شىء بعدها ،،،، اخبريني اذا ماذا تذكرت حدا البكاء ،،، حبيب حسب توقعي

_ كان في يوم من الايام لكن وحده الوقت كفيل بتغير التسميات ،،،

_ ربما نعتقد اننا خسرنا حين الفقد و لكنن اكتسبنا انفسنا واولا لان الخسران هو ان يفقد الانسان كيانه في سبيل الاخرين ،، انت صغيرة على فهم الحياة و مقاصدها و ربما صدمتك التجربة القاسية ولكن تأكدي ان العبرة في ما نحققه حين تقرير مصيرنا من رضى و تصالح ،،،

_ كم تحمل من رقي فكري و توازن عقلي هل انت طبيب نفسي ،،،،

_ لا انا صياد فاشل ،،، رمتني امواج البحر مباشرة امام صعوبات الحياة تقذفني اعاصيره الهوجاء ،،، ومن المعاناة نحو مثيلتها ،،، لا مكان للاسترخاء في قاموسي ،،، ،،، قاسية هيا الايام حين نفكر فيها لذالك توقفي عن التفكير فقط ،،، تنفسي فتلك خلاصة الوجود ،،،

_ لقد خذلني ،،، لقد غادرني و رحل ،،، لقد رحل ،،، دون ان يترك اثرا بعد ان خلف في اعماقي ،،، عشقا و تعلق لماذا يعيد ان كان غير جدير بالوفاء ،،، ،،، لماذا يستخف بالقلوب و يسرقها ،،، ،،،

يخيم الصمت على المكان فجأة ثم يخرج ذالك الزفير الحار بعد فاصل التنفس ،،،، فتقرر ان تتحرر من قيود الكتمان ،،،

_ طلب مني ان التقيا به في مكاننا المعهود كان يبدو عليه الارتباك و خوف ،، وبعض دموع الحزن التي يكبتها تلمع تحت اجفانه ،،، كانت تلك اول مرة ارى فيها ملامحة الغربية تملكني الالم و رحت احاول تفسيرها ،، سألته و لكن طلب مني ان لا اقاطعه ،،، كان يرغب ان يبوح بكل ما يختلج في صدره وقد حمل كل ملامح الاسى ،،اخيرا قرر الكلام ليته لم يقرر ،،،

_ اخبرتك انك بدايتي و تمنيت ان اكتفي بك ،، كان اسمى احلامي ان اضفر بحبك الي ما بعد الوجود ،،، وعدتك ان اكون لك و منك و كل ما فيك ،،، كتبت قصتنا في صفحات العقل و رسمت وجهك على ضفاف نهر الحب ،،، ،،، في كل نبض اسمع اسمك و في كل رفيف ارى نور وجهك و في كل نفس اجد ريحك ،،، انت ،، انت ،،،انت ،،، ثم الموت دواء ،،، انت شريان الحياة ،، انت لحن الوجود و دفيء حين برد الشتاء ،،، انت كياني و قدري ،، مقامي و ضفري ،،، انت مهجة القلب و منية التمني ،،، و لكن ،،،،،،

_ تقف حياتنا دائما في تلك الكلمة تقف اسرارنا امامها يبدأ عجزنا معها انه الاستدراك القاسي انه العجز ،،، ما اقصى تلك الكلمة و ما اسوء تفسيراتنا ، وما اتفه مبرراتها ،،،، ما اقبح عذرها ،،،،

يسفكون دمائنا و يحاولون ترميم جراحنا بكلمات الاعتذار