في سنتي الجامعية الأولى كان هناك مساق ثقافي مقرر لكافة طلبة الجامعة على اختلاف تخصصاتهم، وحين كنا في المحاضرة التعريفية الأولى رفع الدكتور الكتاب معرفاً عن مؤلفه ومحتواه وعند افصاحه عن عدد صفحاته التي تقترب من الخمسمئة صفحة شهق جميع من في القاعة مستنكرين أنهم كيف سيقومون بقراءة الكتاب ودراسته!

طلب وقتها الدكتور من طالبة الوقوف واختيار أي صفحة عشوائية من الكتاب واستغرق ثانية واحدة فقط في خطف النظر للصفحة وقراءتها وتلخيص ما جاء بها، مع أن الدكتور كان لأول مرة يُدَرّس هذا المساق بالفعل.

اليوم نعاني من معضلة الكم مقابل القيمة، في العديد من الكتب سواء الفكرية أو الروائية نقبع في زاوية واحدة وهي الفهم البطيء والمتأني، ونحن لدينا هذه النظرة التقليدية عن أن القراءة يجب أن تكون بطيئة بحيث نقرأ كل كلمة من الكتاب كي نتعرف على المعنى الحقيقي لها ومن ثم ربط هذه المعاني بالعبارات الكاملة وحتى تكرار العبارة نفسها أكثر من مرة.

القراءة السريعة في الحقيقة لا تتطلب منا كل هذا، المفهوم الشائع عند المعظم أن القراءة السريعة تعني القفز عن الصفحات بالتالي التشتت في الفهم، لكن بعض الكتب في قراءتها بشكل متعمق خطأ كبير يضيع الوقت والجهد. لذلك يكون الحل في القدرة على معاينتها وفحصها بنظرة ثاقبة تُقربنا من المعنى وتشكل لنا الفهم المتكامل.

يتحدث بيتر كومب في كتابه الانطلاق في القراءة السريعة عن تقنيات القراءة السريعة بشكل موسع وأعجبني ذكره لطريقة المشي بالاصبع على الأسطر لتوجيه العين للكلمات المهمة فقط مع تجاوز الحشو غير المهم، وأيضاً تقليل النطق الداخلي للكلمات إذ أن قول الكلمات في رأسنا العديد من المرات يجعل عملية تدفق الفهم صعبة علينا.

ما رأيكم، كيف يمكننا أن نقرأ بسرعة دون أن نضحي بالفهم؟ إن كُنت تتبع القراءة السريعة في قراءتك بعض الكتب كيف ترى أنها تحقق لك الفائدة؟