تقريبا كل من درس الفلسفة سيلاحظ شِبه إجماع على نبذ الحركة السوفسطائية والتقليل من شأن أتباعها.. ولعل الباعث الأول لذلك العداء هو موقف سقراط ومن بعده أفلاطون المعارضين للسوفسطائية على طول الخط..
ومن أبرز المآخذ التي أُخذت على السوفسطائيين نذكر مثلا، أنهم كانوا يتقاضون أجورا مادية مقابل ما يعلمونه لشباب أثينا من فنون الخطابة والجدل الفكري، وما يلزمهم من مهارات تمكنهم من دخول عالمي الحكمة والسياسة.. ولقد اعتاد معظمنا على استنكار ذلك الأمر تلقائيا، أو بالأحرى تمت برمجتنا بواسطة بعض المؤلفات والكتب الدراسية على إستنكاره ـ وهو ما يحدث كثيرا بالمناسبةـ!
لكن عند تأملنا هذه النقطة تحديدا فسنجد أنها ليست شيئا يدعو للإستنكار والهجوم لتلك الدرجة؛ فطبيعي جدا أن ينتظر كل من يُقدم عملا أو خدمة مقابلا لخدماته ومجهوده، فما العيب إذن في أن يتلقى المُعلّم السوفسطائي أجر ما يقوم به؟!
وبعد بحث موسّع، وجدت أخيرا صوتا مُنصفا لجهود تلك الحركة المظلومة تاريخيا، تَمثل فيما قاله الفيلسوف الألماني هيجل: "إن السفسطائيين خدموا الزمن الذي عاشوا فيه، حيث أيقظوا الفكر الإنساني من سُباته.. وتكفلوا بمهمة نشر الثقافة"! وهذا مثال بسيط جدا لما يمكن أن تُرسِّخه المؤسسات التعليمية والثقافية في عقولنا من معلومات مغلوطة..
فبرأيكم متى وكيف نقوم بمراجعة وتنقية مناهجنا التعليمية مما علق بها من مغالطات؟.. وبشكل عام كيف نتأكد من صحة أو موضوعية ما نتلقاه من معلومات؟!
التعليقات