لا شك أن مقولات نيتشة تملأ الكتابات والمقالات بنسبة ليست بالهينة بتاتًا. فكل كاتب يقتبس من مقولاته ما يتناسب مع الموضوع الذي يتحدث عنه، لدعم ما يقول واثباته. 

فكيف إذا عرف بأن هذه المقولات ربما لم يكتبها نيتشة أو يعرف عن وجودها بين كتبه من الأساس؟

فريدريش فيلهيلم نيتشه فيلسوف ألماني، وناقد ثقافي، كما أنه شاعر وملحن لغوي، اضافة إلى كونه باحث في اللاتينية واليونانية. كان لعمله تأثير عميق على الفلسفة الغربية وتاريخ الفكر الحديث.

وبعيدًا عن الفترة الأولى من حياته، وعلمه وكتاباته فإن أهم ما مر به نيتشة في حياته كان مرضه الذي بدأ معه بشكل بسيط من عام 1879واستقال على أثره من عمله كأستاذ كرسي اللغة بجامة بازل. ويبدأ في كتابة أهم مؤلفاته. إلا أنه وفي عام1889وتحديدًا في سن الرابعة والأربعين، عانى من انهيار وفقدان لكامل قواه العقلية. ليعيش سنواته الأخيرة في رعاية والدته ثم شقيقته اليزابيث حتى توفي عام 1900. 

وهذا هو مربط الفرس فاليزابيث وعلى عكس والدتها كانت مهتمة جدًا بعلم اخيها، وارادت أن تحقق له الخلود والقبول. لذا وأثناء مرضه عمدت إلى تنقيح أعمال أخيها من كل ما كان سببًا في اعراض الكثيرين عن تأييده، ووصل التنقيح إلى أن تغيرت مواقفه تجاه العديد من من القضايا كالنازية مثلًا. بل وصل الحال أن انشأت مركز كامل في بيتها للعمل على هذا التنقيح والذي استمر بعد وفاة نيتشة بل ووفاتها هي أيضًا بعمر التسعين إلا قليل. 

ونتيجة لهذا التنقيح فإن العديد من العلماء المعاصرين حينها تحدثوا عن أنه لا يجوز الاعتماد على علم شخص مصاب بالمرض العقلي، وخاصة أنه قد كان مُصابًا بهذا المرض أثناء العمل على تلك الأعمال والكتابات من الأساس، هذا بالإضافة إلى التغيير الذي وقع على أعماله والذي كان سببًا في بعض التغييرات في مواقفه التي تبناها أثناه حياته تجاه موضوعات وقضايا مختلفة سياسية كانت أو علمية فلسفية. إلا أنها ظلت مجرد آراء لا يُعتد بها من قبل الأغلبية. وعلى الرغم من هذا التأييد من قبل الكثيرين يظل السؤال مطروحًا

 لأي درجة يمكن أن نثق في أعمال نيتشة والتي اختلط بها الحقيقي بما هو منقح أو محرف؟ وماذا عن الفلسفات والآراء التي بنيت على علمه هذا هل يمكن الثقة بها أيضًا أم أنها محل شك هي الأخرى؟ وكيف يمكننا التفرقة بين المحرّف والمصحّف؟