هناك مجتمع علماني تُفرض فيه حرية التصرف الشخصية مادامت سلمية مثل حرية اختيار الملابس، المشكلة أن هناك شخص متدين يريد تربية أبناءه على الدين الذي يرفض التعري¹، ولا شك أن ذلك سيكون صعباً في ظل وجود أشخاص غير متدينين ويحبذون التعري، حيث تكمن المشكلة في أن الطفل سيتعلم أن التعري غير مسموح به ثم سيخرج للشارع ليرى بعض الناس عراة.
حسنا فليكن المجتمع متديناً إذاً، هناك شخص غير متدين لا يؤمن بأن هناك حدود للتعري ويحبذ التعري في فصل الصيف نظرا لارتفاع درجة الحرارة ولكن لا يمكنه فعل ذلك وفق قوانين المجتمع وبالتالي فإن حريته ستقمع بالرغم من أن مبرره قوي وليس مجبراً على تحمل الحر.
حسنا ليكن هناك مجتمع متدين داخل المجتمع العلماني، سيولد شخص غير متدين داخل المجتمع المتدين ومن حقه وحريته واختياره عدم مغادرة المكان الذي ولد ويفضل العيش فيه، ومن الممكن بعد ذلك أن يفضل التعري على ارتداء الملابس ولكن لن يمكنه ذلك، والعكس صحيح في حالة مجتمع علماني داخل المجتمع المتدين سيكون هناك شخص متدين لا يريد رؤية أشخاص عراة ولكنه لا يمكنه منع ذلك، فضلاً عن ظهور مشاكل أخرة نتيجة هذا الفصل بين المجتمعين مثل انعدام العلاقة بين الشخص المتدين وغيره بسبب عدم وجود مكان يجمعهما سوياً بل وربما يزيد الأمر بأن يكره كلا المجتمعان الآخر وتقوم حرب بينهما بعدما اتضح أن أطراف أحد المجتمعين تؤمن بأنه لا يمكن حتى مجرد وجود هذا المجتمع الغير ضار ولا بد من توحيد المجتمعين بأن يكون كلاهما متديناً (أو غير متديناً).
يبدو أنه ليس هناك حل آخر، فإما أن يكون المجتمع متديناً أو علمانياً، السؤال هنا: هل الأسهل إذاً عيش المتدين داخل المجتمع العلماني وبدلاً من رفض وجود الأشخاص المختلفين فإنه سيتعلم تقبل وجودهم والتعامل مع مشكلته الشخصية بالحلول المتاحة له كغض البصر في حالة وجود أشخاص عراة، أم أن الأسهل هو عيش الشخص الغير متدين في مجتمع متدين والتخلي عن بعض الحقوق والتصرفات التي لا يحبذها أحد شركاؤه في المجتمع، بغض النظر عن قوة مبرره أحياناً لفعل هذه التصرفات؟
التعليقات