دعني أحكي لكم واقعة من قلب أحد المشاريع الإنشائية. حيث كانت هناك مشكلة متكررة في الانضباط أو يمكن القول عنها كسل متعمد. وما جعل إيجاد حل لها شبه مستحيل هو طبيعة سكان المنطقة الصعبة بالإضافة لوجود قوانين حكومية تشترط أولوية التوظيف لأبناء المنطقة. ما جعل أي محاولة لفصل أو معاقبة عامل تؤدي إلى فوضى، وربما عصيان جماعي.
عندها جاء أحد المدراء بفكرة ظاهرها يبدو مثاليا وهي تعيين نائب عن العمال، يتولى رفع انشغالاتهم، ويكون همزة وصل بينهم وبين الإدارة.
أضفى هذا الاقتراح شعورا للعمال بأن صوتهم أصبح مسموعًا، والنائب بدا كمن يمثلهم أمام الإدارة.
لكن سرعان ما ظهرت المفارقة. النائب بدأ يتلقى امتيازات معنوية ومادية، لكنه ما زال يتقاضى نفس الراتب، مع مهام إضافية لا يمكنه رفضها. لا يستطيع التراجع، فالمكانة التي نالها مربوطة بالولاء لا بالرفض.
بعدها بدأ العمال يشعرون بأن هذا النائب لم يعد يمثلهم. لذا لجؤوا إلى محاولة التواصل مباشرة مع المدير، لكن المدير يرفض استقبالهم بحجة تواجد من يمثلهم . أما النائب، فهو لا يريد إزعاج المسؤولين، بغية احتفاظه بمزايا منصبه الجديد. وهكذا، تحوّل الحل "الذكي" إلى أداة صامتة لتحييد أي نوع من الشكاوى سواءا كان مهنيا أو غير ذلك ، والقضاء على المشكلة من الداخل... ، بل أنها أدت إلى تخفيف المسؤولية عنهم عبر إضافة مهام جديدة لمنصب جديد، بنفس الراتب.
المصدر: الواقعة رواها لي أحد السائقين المتقاعدين الذي عمل بأحد فروع هذه المؤسسة الضخمة.
التعليقات